وأن تسر المؤمن الحسنات .. وتؤلمه السيئات.
وأن تكون عبادته في الخفاء أقوى منها في العلانية .. وأن يقوي يقينه وتوكله على ربه .. فيستوي عنده التراب والذهب .. ويستوي عنده مدح الناس وذمهم، ولا يفرح بما أوتي .. ولا يأسى على ما فات.
وأن يرى أن ما عند الله هو القريب، وما عنده وعند الناس هو البعيد .. وأن يعبد الله ويدعوه ويسأله كأنه يراه .. وأن يتوجه إلى ربه الذي بيده كل شيء .. ولا يلتفت لأحد سواه .. فيكون أمامه الملك الأعظم والميت سواء .. ليس بأيديهم شيء .. بل الأمر بيد الله وحده لا شريك له.
وبذلك تنمو شجرة الإيمان، فتورق، ثم تزهر، ثم تثمر، وتملأ العالم بالخيرات والبركات والثمرات كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)} [إبراهيم: 24، 25].
فشجرة الإيمان أصلها ثابت في قلب المؤمن علماً واعتقاداً، وفرعها من الكلم الطيب، والعمل الصالح، والأخلاق الطيبة، والآداب الحسنة، في السماء دائماً، فيصعد إلى الله جميع الأقوال والأعمال التي تخرجها شجرة الإيمان.
وشجرة الإيمان تحتاج إلى تعهدها بالسقي .. وهو المحافظة على أعمال اليوم والليلة من الطاعات والعبادات .. وإلى إزالة ما يضرها من الصخور والنوابت الضارة وهو العفة عن المحرمات قولاً وفعلاً.
وإذا تم هذا نما البستان وزها، وأخرج الثمار المتنوعة.
ولرؤية الأشياء في هذا العالم، خلق الله لنا نورين نميز بهما بين المخلوقات والأشياء، ونستفيد منها.
وهذان النوران هما:
النور الداخلي وهو نور العين .. والنور الخارجي كالشمس والسراج ونحوهما، ولا تتم الرؤية إلا بهما معاً، وإذا فقد أحد النورين، لا نستطيع الاستفادة الكاملة