إن هذا خرق لسنة الله في الجزاء العادل، للمؤمن بالنعيم .. وللكافر بالجحيم.
ألا ما أسفه العقول التي تستكبر بكثرة الأموال والأولاد، وتظن أن ذلك سوف ينجيها من العذاب الأليم، وأنهم خيار الناس: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)} [سبأ: 35].
إن الكبر آفة من آفات النفس ينشأ من الاغترار بالجاه أو السلطان أو المال، فينشأ من ذلك الكبر على الحق برده، والكبر على الناس باحتقارهم.
والطغيان كذلك آفة من آفات النفس ينشأ مما سبق، وهو وصف لكل من يتجاوز الحق والهدى.
ومداه أوسع من الطغاة ذوي السلطان والجبروت، حيث يشمل كل متجاوز للهدى، وكل من آثر الحياة الدنيا واختارها على الآخرة، فعمل لها وحدها غير حاسب للآخرة حساباً.
واعتبار الآخرة هو الذي يقيم الموازين في يد الإنسان وضميره، فإذا أهمل حساب الآخرة، أو آثر عليها الدنيا، اختلت كل الموازين في يده، واختلت كل القيم في تقديره، واختلت كل قواعد السلوك والشعور في حياته، وعُدَّ طاغياً وباغياً ومتجاوزاً للهدى.
فهذا مصيره إلى الجحيم كما قال سبحانه: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39)} [النازعات: 37 - 39].
والله تبارك وتعالى رحيم ودود، ينادي في الإنسان أكرم ما في كيانه وهي إنسانيته التي تميز بها عن سائر الأحياء، وارتفع بها إلى أكرم مكان، وتجلى فيها إكرام الله له فيقول له: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)} [الانفطار: 6 - 8].
إن هذا النص يلتفت إلى واقع الإنسان الحاضر، فإذا هو غافل لاهٍ سادر، ويلمس قلبه لمسة فيها عتاب رضى، وفيها وعيد خفي، وفيها تذكير بنعمة الله