وممن يؤمنون بها، وممن يريدون أن يرجعوا أمر الناس والحياة إليها: {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)} [الجاثية: 9 - 11].
فما أخسر هؤلاء في الدنيا والآخرة .. وأي خسارة أكبر من خسارة الإيمان واليقين في الدنيا؟ .. ثم خسارة الرضوان والنعيم في الآخرة؟ .. ثم العذاب الذي يحق على الجاحدين المنحرفين؟.
وكل أحد يستكبر في الأرض فإنما يستكبر بغير حق، فالكبرياء لله وحده، وليست لأحد من خلقه في قليل أو كثير.
وعذاب الهون هو الجزاء العدل على الاستكبار في الأرض، وجزاء على الفسوق عن منهج الله كما قال سبحانه: {فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (20)} [الأحقاف: 20].
والكفار بمالهم وجاههم يحسبون أنفسهم شيئاً عظيماً عند الله، فهم يكفرون ويستكبرون، ويؤذون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ويسمعون القرآن، ويتناجون بالكيد والرد على ما يسمعون، ثم يدخلون الجنة بعد هذا كله؛ لأنهم يزعمون أنهم في ميزان الله شيئاً عظيماً: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)} [سبأ: 35].
فما أعجب حالهم؟ وما أعوج تقديرهم: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38)} [المعارج: 36 - 38].
فهل يستحقون بكفرهم وكيدهم أن يدخلوا الجنة؟
{كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39)} [المعارج: 39].
فهم لا ريب يعلمون مم خلقوا؟.
من ذلك الماء المهين الذي يعرفون، إنها لمسة خفية عميقة تمسح كبرياءهم مسحاً، وتنكس كبرياءهم تنكيساً.
كيف يطمعون أن يدخلوا جنة نعيم على الكفر وسوء الصنيع؟.