اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)} [الشعراء: 215].
وأما العبادة والعمل: فليس يخلو عن رذيلة الكبر أحد، فكثير من الزهاد والعباد يرون الناس هالكين، ويرون أنفسهم ناجين، ويرون غيرهم أولى بزيارتهم لهم، ويرون أن على غيرهم توقيرهم وذكرهم لهم بالورع والتقوى، والتوسيع لهم في المجالس، وتقديمهم على سائر الناس في الحظوظ، وقضاء حوائجهم.
فما أجدر العالم والعابد إذا أحبه الناس لصلاحه أن ينقلهم الله إلى درجته في العمل، وما أجدره إذا ازدراهم بعينه أن ينقله الله إلى أدناهم في الإهمال.
وأسباب الكبر وبواعثه المهيجة له أربعة:
العجب .. والحقد .. والحسد .. والرياء.
فالكبر خلق باطن، وما يظهر على الجوارح من الأخلاق والأفعال التي تدل على الكبر فهي ثمرة ونتيجة للكبر الباطني الذي هو عبارة عن استعظام النفس، ورؤية قدرها فوق قدر الغير.
وهذا الباطن له موجب واحد وهو العجب الذي يتعلق بالمتكبر، فإنه إذا أعجب بنفسه وبعلمه وبعمله أو بشيء من الأسباب استعظم واستكبر.
أما الكبر الظاهر فأسبابه ثلاثة:
سبب في المتكبر وهو العجب.
وسبب في المتكبر عليه وهو الحقد والحسد.
وسبب في غيرهما وهو الرياء.
فالعجب يورث الكبر الباطن، والكبر يثمر التكبر الظاهر في الأقوال والأعمال والأحوال، والحقد يحمل على التكبر من غير عُجب، كالذي يتكبر على من يرى أنه مثله أو فوقه، ولكنه غضب عليه لسبب، فأورثه الغضب حقداً عليه، فهو لذلك لا يتواضع له بل يتكبر عليه، ويرد الحق إن جاء من جهته، ويأنف منه إن نصحه.
والحسد يوجب بغض المحسود، ويرد الحق إن جاء من جهته، ويمنع من قبول