النصيحة وتعلم العلم، فكم من جاهل يشتاق إلى العلم فبقي في رذيلة الجهل لاستنكافه أن يستفيد من واحد من أهل بلده حسداً وبغياً عليه؟.
فهو يتكبر عليه ويعرض عنه مع علمه بأنه يستحق التواضع بفضل علمه، ولكن الحسد يبعثه على أن يعامله بأخلاق المتكبرين، وإن كان في باطنه ليس يرى نفسه فوقه.
وأما الرياء فهو كذلك يدعو إلى أخلاق المتكبرين، حتى إن الرجل ليناظر من يعلم أنه أفضل منه، ويمتنع من قبول الحق منه، ولا يتواضع له خوفاً من أن يقول الناس إنه أفضل منه، فيكون باعثه على التكبر عليه الرياء المجرد.
وعلامات التكبر:
تكون في شمائل الرجل كصعر وجهه، ونظره شزراً، وإطراقه رأسه ونحو ذلك، وتكون في أقواله في صوته ونغمته.
ويظهر في مشيته وتبختره، وقيامه وجلوسه، وحركاته وسكناته، كما قال سبحانه: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} [لقمان: 18 - 19].
فمن المتكبرين من يجمع ذلك كله، ومنهم من يتكبر في بعض ويتواضع في بعض.
والكبر من الكبائر المهلكات، ولا يخلو أحد من الخلق عن شيء منه، وإزالته فرض عين، ولكنه لا يزول بالتمني، بل بالمعالجة واستعمال الأدوية القامعة له، ويتم ذلك بأمرين:
الأول: استئصال أصله، وقلع شجرته من مغرسها في القلب.
الثاني: دفع العارض منه بالأسباب الخاصة التي بها يتكبر الإنسان على غيره.
فاستئصال أصله يتم بأمرين: علمي وعملي، ولا يتم الشفاء إلا بمجموعهما:
أما العلمي: فهو أن يعرف الإنسان نفسه، ويعرف ربه تعالى، ويكفيه ذلك في