على أوامره، بفعل ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه، والقيام بوظائف الدين الظاهرة والباطنة، وفي ذلك الأمن والسلامة والعافية في الدنيا والآخرة كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} [فصلت: 30 - 32].
وبذلك نعلم أن الرسل وأتباعهم خاصة على سبيل النجاة، وسائر الخلق على سبيل الهلاك سائرون، وإلى دار البوار صائرون، والله بالغ أمره لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره.
ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الأرض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله، وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط، وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة أمر الله ورسوله، والدعوة إلى غير الله وما شرعه رسوله.
فالله عزَّ وجلَّ أصلح الأرض برسوله ودينه، وبالأمر بعبادته وتوحيده، ونهى عن إفسادها بالشرك به، ومخالفة رسوله كما قال سبحانه: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} [الأعراف: 55 - 56].
والناس قسمان:
ذاكر لربه .. وغافل عن ربه.
فمن نسي ربه أنساه ذاته ونفسه، وما به صلاحه وفلاحه في معاشه ومعاده، فصار معطلاً مهملاً بمنزلة الأنعام السائبة، بل هي خير منه لبقائها على هداها التام الذي أعطاها إياه خالقها.
وأما هذا الغافل عن ربه فخرج عن فطرته التي خُلق عليها، فنسي ربه فأنساه نفسه، وما تكمل به، وما تزكو به، وما تسعد به في معاشها ومعادها كما قال سبحانه: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)} ... [الكهف: 28].