والعلل في أغذيتهم وفواكههم، وهوائهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم، وأشكالهم وأخلاقهم من النقص والآفات ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم كما قال سبحانه: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} [الروم: 41].
فظهر الفساد في البر والبحر وفي أنفسهم بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة، المفسدة بطبعها، ليعلم العباد أن الله هو المجازي على الأعمال، فعجل لهم شيئاً يسيراً من جزاء أعمالهم في الدنيا لعلهم يرجعون عن أعمالهم التي أثرت لهم من الفساد ما أثرت، وجلبت لهم من البلاء والمحن ما جلبت، فتصلح أحوالهم، ويستقيم أمرهم.
فسبحان الحكيم العليم الذي أنعم ببلائه .. وتفضل بعقوبته .. وإلا فلو أذاقهم عقوبة جميع ما كسبوا من السيئات في الدنيا ما ترك على ظهرها من دابة ..
كما قال سبحانه: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45)} [فاطر: 45].
وأكثر هذه الآفات والأمراض بقية عذاب عذبت به الأمم السابقة، ثم أبقى الله منها بقية مرصدة لمن فعل مثل أفعالهم، حكماً قسطاً، وقضاء عدلاً.
كما سلط الله الريح على قوم عاد سبع ليال وثمانية أيام حسوماً، ثم أبقى في العالم منها بقية في تلك الأيام وفي نظيرها عظة وعبرة.
وكما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الطَّاعُونُ رِجْزٌ أوْ عَذَابٌ أرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ، فَلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأرْضٍ وَأنْتُمْ بِهَا فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» متفق عليه (?).
والحل الذي يرفع هذه الآفات والبلايا والأمراض الإيمان بالله، والاستقامة