الأمر على ما أشار به، وفي بذل ماله كله في سبيل الله، وفي هجرته مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفي جهاده معه، ويوم وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأثناء خلافته، والله يجازي من هذه صفاته، وهذه رحمته، بالرضوان التام المؤكد يوم القيامة كما قال سبحانه: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)} [الليل: 17 - 21].
والله عزَّ وجلَّ هو الرب الرؤوف الرحيم، وأقرب الخلق إليه أعظمهم رأفة ورحمة، وأبعدهم منه من اتصف بضد ذلك.
ومن رحمته سبحانه أنه يفرح بتوبة العبد إذا تاب أعظم فرح وأكمله.
ومن كمال رحمته أنه يدعو من كفر به، وفتن أولياءه، وأحرقهم بالنار إلى التوبة كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10)} [البروج: 10].
فلا ييأس العبد من عفوه ومغفرته ورحمته، ولو كان فيه ما كان، فلا أكفر بمن حرق بالنار من آمن بالله وحده، ومع هذا لو تابوا لم يعذبهم، وألحقهم بأوليائه.
والرحمة صفة وجدانية تعرض غالباً لمن به رقة القلب، وتكون مبدأً للانعطاف معه، والإحسان إليه، وهي محبة للمرحوم مع جزع من الحال التي من أجلها رحم.
ورحمة البشر لا تخلو عن رقة مؤلمة تعتري الرحيم فتحركه إلى قضاء حاجة المرحوم.
والرحمة التامة: إفاضة الخير على المحتاجين وإرادته لهم عناية بهم.
والرحمة العامة: هي التي تتناول المستحق وغير المستحق.
ورحمة الله عزَّ وجلَّ تامة وعامة.
أما تمامها، فمن حيث أنه أراد قضاء حاجات المحتاجين وقضاها.
وأما عمومها فمن حيث شمولها المستحق وغير المستحق، والدنيا والآخرة.
فهو سبحانه الرحيم مطلقاً، ورحمته وسعت كل شيء كما قال سبحانه: