هذا الميزان هو الدين الذي أنزله الله، وأرسل به رسله، هو الضمان الوحيد للبشرية من العواصف والزلازل والاضطرابات التي تحيق بها في معترك الأهواء، والعواطف، والمنافسة، وحب الذات.
فلا بدّ من ميزان ثابت يؤوب إليه البشر، فيجدون عنده الحق والعدل والإنصاف بلا محاباة، ليقوم الناس بالقسط وفق مراد الله.
وكما أنزل الله الكتاب والميزان، فكذلك أنزل الحديد فيه بأس شديد، ومنافع للناس، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، وهذه إشارة إلى الجهاد بالسلاح، والذين ينصرون الله ورسله بالغيب، إنما ينصرون منهجه ودعوته ودينه، أما الله سبحانه فلا يحتاج إلى نصر من أحد، فإن الله قوي عزيز.
والله تبارك وتعالى وكل الأنبياء والرسل بنشر الهداية والدعوة إلى الله كما وكل الشمس بالإنارة، ووكل السحب بنقل المياه وتوزيعها في العالم.
فوظيفة الرسل الدعوة إلى الله، وإقامة حياة الناس على منهج الله الذي أرسلهم به إليهم، ليعبد الناس كلهم إلهاً واحداً لا إله إلا هو كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)} [النحل: 36].
وهذه الأمة مكلفة بما كلف الله به الأنبياء والرسل، وقد شرفهم الله بالقيام بذلك، وأسوتهم الأنبياء كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)} [الممتحنة: 6].
وقال سبحانه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف: 108].
فمن كان يرجو الله واليوم الآخر فليتأسى بإبراهيم والذين معه، فله فيهم أسوة تتبع، وسابقة تهدي، في الدعوة والعبادة، وإقامة الدين في الأرض.
ومن أراد من هذه الأمة أن يتولى عن هذا المنهج، من أراد أن يحيد عن طريق