والله عزَّ وجلَّ يريد أن تمضي الدعوة على أصولها الكاملة، وفق موازينها الشرعية، ثم من شاء أن يؤمن، ومن شاء فليكفر، ولو خسرت الأشخاص في أول الطريق.

فالاستقامة على أصول الدعوة كفيلة أن تثني هؤلاء الأشخاص أو من هم خير منهم في نهاية المطاف.

ويجد الشيطان في تلك الرغبات البشرية، وفي بعض ما يترجم عنها من تصرفات أو كلمات فرصة للكيد للدعوة، وإلقاء الشبهات حولها في النفوس.

ولكن الله سبحانه يحول دون كيد الشيطان، ويحكم الله آياته، فلا تبقى هناك شبهة كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)} [الحج: 52].

وسنة الله جارية في إرسال الرسل لدعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له منذ عهد نوح - صلى الله عليه وسلم - إلى بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، كل قرن يستوفي أجله ويمضي، وكلهم يكذبون، فتأخذهم سنة الله في الهلاك، ويصيرون عبرة لمن بعدهم: {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ (43) ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (44)} [المؤمنون: 43، 44].

وجميع الأمم يشغلهم عما جاء به الرسول من الآيات البينات والدين القويم الاعتراض على بشرية الرسول، وعلى وضعه ومكانته بينهم كما قال سبحانه: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (45) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ (46) فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47) فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُوا مِنَ الْمُهْلَكِينَ (48)} [المؤمنون: 45 - 48].

وكما قال سبحانه: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95)} [الإسراء: 94، 95].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015