[المائدة: 109].

سوف يجمع الله هؤلاء الرسل الذين فرقهم في الزمان فيتتابعوا على مداره، وفرقهم في المكان فذهب كل إلى قريته، وفرقهم في الأجناس فذهب كل إلى قومه، وكلهم يدعون إلى الله بإذنه.

سيجمعهم الله على مشهد من الملأ الأعلى .. وعلى مشهد من الناس أجمعين ..

إنه الاستجواب الذي يراد به المواجهة .. مواجهة البشرية برسلها .. ومواجهة المكذبين من هذه البشرية خاصة برسلهم الذين كانوا يكذبونهم ليعلن في موقف الإعلان أن هؤلاء الرسل إنما جاءوا من عند الله بدين الله.

فيعلنون أمام ربهم الذي أرسلهم أنه أعلم بهم وبأممهم، وأعلم بمن أجابهم، وأعلم بمن عصاهم؟.

وسوف يسأل الناس كلهم يوم القيامة عن أمرين:

{مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (65)} [القصص: 65].

{أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (92)} [الشعراء: 92].

وفي ختام الاستجواب كلمة الفصل من رب العالمين: {قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)} [المائدة: 119].

واختيار الرسل للرسالة موكول إلى علم الله المحيط بمن يليق بهذا الأمر، فالرسالة أمر هائل خطير، أمر كوني من الرب لعبد من عباده، يتصل فيه الملأ الأعلى بعالم الإنسان المحدود، وتتصل فيه السماء بالأرض، والدنيا بالآخرة، ويتمثل فيه الحق الكلي في قلب بشر، وفي واقع الناس.

ويتجرد فيه الإنسان من حظ ذاته ليخلص لتحقيق مراد ربه، ويصبح موصولاً بهذا الحق ومصدره صلة مباشرة كاملة.

ولا تتم هذه الصلة إلا إذا كان الإنسان صالحاً للتلقي المباشر الكامل بلا عوائق ولا موانع، فليس أي أحد يصلح للرسالة والنبوة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015