دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)} [هود: 56].
إن ربي ورب الخلائق قوي قاهر، وهؤلاء الغلاظ الأشداء من قومه إن هم إلا دواب من تلك الدواب التي يأخذ ربه بناصيتها، ويقهرها بقوته قهراً.
فما خوفه من هذه الدواب؟، وما احتفاله بها؟
وإن توليتم فقد أديت واجبي لله، ونفضت يدي من أمركم لتواجهوا قوة الله سبحانه، ويستخلف ربي قوماً غيركم، يليقون بتلقي دعوته، ويستقيمون على هدايته بعد إهلاككم، ولا تضرونه شيئاً فما لكم به من قوة.
والله حافظ دينه وسننه ورسله وأولياءه من الأذى والضياع: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57)} [هود: 57].
فلما أصروا على كفرهم وعنادهم وتكذيبهم لرسولهم أنزل الله بهم عقوبته، فأرسل عليهم الريح العقيم التي ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم كما قال سبحانه: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (8)} [الحاقة: 6 - 8].
وحقت عليهم لعنة الله بسبب كفرهم واستكبارهم كما قال سبحانه: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60)} [هود: 59، 60].
وقد بعث الله الأنبياء والرسل إلى أقوامهم وأممهم، فبلغوا ما أمرهم الله به، ثم توفاهم الله، وسوف يجمع الله يوم القيامة بين الرسل ومن أرسلوا إليهم، وسيسألهم جميعاً كما قال سبحانه: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ (6) فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ (7)} [الأعراف: 6، 7].
وسوف يجمع الله الرسل يوم القيامة ويسألهم ماذا أجبتم كما قال سبحانه: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109)}