فيهم عقولاً .. وجعل لهم شهوات.

فالمؤمن الذي يغلب عقله شهوته خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فالبهائم خير منه.

ثم خلق الله في الإنسان القوة الغضبية لدفع المضرة، ثم القوة الشهوية لجلب المنفعة.

وبحسب هذه القوى الثلاث، انقسمت الأمم التي هي أفضل الجنس الإنساني، وهم العرب والفرس والروم، وكل ما ساواهم تبع لهم.

فهذه الأمم الثلاث هي التي ظهرت فيها الفضائل الإنسانية فغلب على العرب القوة العقلية النطقية، فهم عرب من الإعراب، وهو البيان والإظهار.

وغلب على الفرس القوة الغضبية، من الدفع والمنع والاستعلاء والرياسة.

واشتق اسمها من وصفها، فقيل فرس، يقال فرسه إذا قهره وغلبه.

وغلب على الروم القوة الشهوية من الطعام والشراب والنكاح ونحو ذلك.

واشتق اسمها من وصفها، فالروم هو الطلب والشهوة.

وهذه الصفات الثلاث غالبة على هذه الأمم الثلاث.

فالعرب أفضل الأمم .. ثم تليها الفرس، لأن القوة الدفعية أرفع .. ثم تليها الروم.

وباعتبار هذه القوى كانت الفضائل ثلاثاً:

فضيلة العلم والإيمان التي هي كمال القوة العقلية.

وفضيلة الشجاعة التي هي كمال القوة لغضبية، وكمال الشجاعة هو الحلم.

وفضيلة السخاء والجود، الذي هو كمال القوة الطلبية، فإن السخاء يصدر عن اللين والسهولة.

وباعتبار القوى الثلاث كانت الأمم الثلاث، المسلمون .. واليهود .. والنصارى.

فالمسلمون فيهم العقل والعلم والاعتدال في الأمور، فإن معجزة نبيهم هي علم الله وكلامه، وهم الأمة الوسط.

واليهود فيهم القسوة، ولهذا أضعفت فيهم القوة الشهوية، حتى حرم الله عليهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015