قيادته إلى الشر، والارتكاس إلى الدرك الأسفل من خطام شهواته.
وهو ينحط إلى أسفل سافلين، حين يبعد عن هدى الله، ويستسلم لهواه، أو يستسلم لعدوه العنيد، الذي أخذ على عاتقه إغواءه في جميع الأوقات من جميع الجهات.
وقد اقتضت رحمة الله به، أن لا يتركه لفطرته وحدها، ولا لعقله وحده، بل أرسل إليه الرسل للإنذار والتبشير والتذكير، لينجو من شهواته بالتخلص من هواه، والفرار إلى الله، والنجاة من عدوه الذي يخنس ويتوارى عند ذكره لربه، وتذكر رحمته وغضبه، وثوابه وعقابه، وهذه كلها مقويات لإرادته، حتى يستعلي على ضعفه وشهواته.
وقد كان أول تدريب له في الجنة بابتلائه بما يحل وما يحرم، لتقوية هذه الإرادة، وإبرازها في مواجهة الإغراء والضعف.
ومن رحمة الله به كذلك أن جعل باب التوبة مفتوحًا له في كل لحظة، فإذا نسي ثم تذكر .. وإذا عثر ثم نهض .. وإذا غوي ثم تاب .. وجد الباب مفتوحًا له .. وقبل الله توبته .. وأقال عثرته .. وغفر ذنوبه .. ودخله جنته.
فإذا استقام على الصراط المستقيم، بدل الله سيئاته حسنات، وضاعف له ما شاء.
لقد نسي آدم وأخطأ، ثم تاب واستغفر، وقد قبل الله توبته وغفر له، وهذه سنة الله لآدم وذريته: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)} [البقرة: 37].
وقد خلق الله في الإنسان ثلاث قوى:
قوة العقل .. وقوة الغضب .. وقوة الشهوة.
وأعلى هذه القوى القوة العقلية التي يختص بها الإنسان دون سائر الدواب، وتشاركه فيه الملائكة.
فالملائكة عقول بلا شهوات .. والبهائم شهوات بلا عقول .. والبشر ركب الله