وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)} [الإسراء: 70].
ثم هذا الإنسان يتعامل مع الملأ الأعلى:
أسجد الله له الملائكة .. وجعل منهم حفظة عليه .. كما جعل منهم من يبلغ الرسل وحيه .. وأنزلهم على أهل الاستقامة يبشرونهم ويثبتونهم .. وأنزلهم على المجاهدين في سبيل الله ينصرونهم ويبشرونهم كذلك .. وسلطهم على الذين كفروا يقتلونهم ويستلون أرواحهم في تأنيب وتعذيب .. ويسلمون على المؤمنين في الجنة .. ويقومون على عذاب الكفار في النار.
وما أكثر ما بين الملائكة والبشر من تعامل في الدنيا والآخرة.
ويتعامل الإنسان كذلك مع الجن صالحيهم وشياطينهم، فله مع الشيطان أحوال وجولات، كما له مع صالحي الجن معاملات .. فهم يسمعون منه .. ويؤمنون بما يدعوهم إليه .. ويطيعونه فيما يأمرهم به، كما ذكر الله عن تسخير الجن لسليمان - صلى الله عليه وسلم -: {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12)} [سبأ: 12].
كذلك هو يتعامل ويستفيد من هذا الكون، فهو الخليفة في هذه الأرض عن الله، الذي سخر له قواها وطاقاتها وأرزاقها، وأعطاه الاستعداد لفتح ما شاء الله من مغاليق أسرارها، وهو يتعامل مع جميع الأحياء فيها.
والإنسان بازدواج طبيعته واستعداداته يتحرك إلى العلو والمعالي.
إنه يعرج إلى السموات العلى، ويتجاوز مراتب الملائكة، حين يخلص عبوديته لله وحده، ويترقى فيها إلى منتهاها وأعلاها.
كما أنه يهبط إلى ما دون مستوى البهيمة، حين يتخذ إلهه هواه، ويتمرغ في الوحل الحيواني، أو الكيد الشيطاني، وبين هذين المجالين أبعاد أضخم مما بين السموات والأرض في عالم الحس، وأبعد مدىً.
والإنسان مع تفرده في هذه الخصائص ضعيف في جوانب تكوينه، حتى ليمكن