والأخرى مزدوجة الاستعداد للخير والشر.
وليتم الابتلاء، ويجري قدر الله بما شاء، وكتب على آدم وذريته:
أن يستقروا في الأرض، ويمكنوا فيها، ويستمتعوا بما فيها إلى حين.
وكتب عليهم أن يحيوا فيها، ثم يموتوا فيها، ثم يخرجوا منها، فيبعثوا ليعودوا إلى ربهم، فيدخلهم جنته أو يدخلهم ناره، كل حسب عمله.
لقد أعلن الله ميلاد هذا الكائن الإنساني في حفل كوني كان شهوده الملأ الأعلى من الملائكة: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74)} [ص: 71 - 74].
وأعلن كذلك خلافته في الأرض منذ خلقه فقال: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)} [البقرة: 30].
فما أعظم الكرامة التي خص الله بها هذا الإنسان؟.
وما أعظم الدور الذي أعطاه بارئه له؟.
فإن عمارة كوكب وسيادته بخلافة الله فيه، لأمر عظيم لا يصلح له إلا مخلوق عظيم.
إن هذا الإنسان يتعامل مع ربه تعاملاً مباشرًا:
فهو الذي خلقه الله بيده .. وهو الذي أعلن الله ميلاده في الملأ الأعلى، وفي الكون كله .. وأسكنه الجنة يأكل منها حيث يشاء ليربيه .. ثم خوله خلافة الأرض بعد ذلك بأمره .. وعلمه أساس المعرفة بتعليمه الأسماء كلها .. وأوصاه وصيته في الجنة وبعدها .. وأودعه الاستعدادات الخاصة التي تميزه عن غيره .. وأرسل له الرسل منه بهداه .. وكتب على نفسه الرحمة أن يقبل عثرته ويقبل توبته.
فما أعظم نعم الله على بني آدم، وما أجل احتفاء الله بهم: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ