يقع إلا بإرادة الله وقدره.
وقد أجابه الله إلى طلبه في الإنظار لحكم عظيمة، ولكن إلى يوم الوقت المعلوم، وحكمة الله تقتضي ابتلاء العباد ليتبين الصادق من الكاذب، ومن يطيعه ممن يطيع عدوه، فلما حصل إبليس على قضاء الله له بالبقاء الطويل، أعلن في تبجح خبيث، ينبئ عن شر كامن فيه فماذا قال؟:
{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17)} [الأعراف: 16، 17].
إنه سيرد على تقدير الله له الغواية، وإنزالها به بسبب معصيته وتبجحه، بأن يغوي ذلك المخلوق الذي كرمه الله، والذي بسببه كانت مأساة إبليس ولعنه وطرده.
لقد أعلن إبليس أنه سيقعد لآدم وذريته على صراط الله المستقيم، يصد عنه كل من يهم منهم باجتيازه، وذلك الطريق هو طريق الإيمان والطاعات المؤدي إلى رضا الله، وأنه سيأتي البشر من كل جهة، من بين أيديهم، ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، وذلك للحيلولة بينهم وبين الإيمان بالله وطاعته.
وقعد إبليس لآدم وذريته على الطريق لإغوائهم، فلا يعرفون الله ولا يشكرونه، اللهم إلا القليل الذي يفلت، ويستجيب لربه.
فالسبب الحقيقي لقلة شكر البشر لربهم، حيلولة إبليس دونه، وقعوده على الطريق إليهن وصد الناس عنه.
وقد نبهنا الله على ما قال إبليس، وعزم على فعله، لنأخذ منه حذرنا، ونستعد لعدونا، ونحترز منه بعلمنا بالطرق التي يأتي إلينا منها.
فليستيقظ العبد للعدو الكامن فيه، والذي يدفعه عن الهدى، وليأخذ حذره منه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)} [فاطر: 6].
لقد أجيب إبليس إلى طلبه، لأن مشيئة الله اقتضت أن يترك الإنسان يشق طريقه