في مصيرهم.

وقد قام الحاخام الصهيوني كوك، العارف بأسرار القبَّالاه، بالدفاع عن فكرة اقتحام العمل، مستخدماً مصطلحاً حلولياً عضوياً، إذ يقول: "لقد أدرنا ظهورنا للاهتمام بحياتنا الجسدية ولتطوير أحاسيسنا كما أهملنا كل ما له علاقة ملموسة بحقيقة الجسد لأننا أصبحنا فريسة لمخاوفنا، لقد كان ينقصنا الإيمان بقدسية الأرض". ونحن نرى أن ثمة تشابهاً بنيوياً بين مفهوم اقتحام العمل وبين المفهوم الحسيدي للخلاص بالجسد الذي يؤكد أن روح الإنسان تستطيع، من خلال الانتشاء الجسدي والغوص في الأشياء المادية، أن تتسامى لتصل إلى درجة عالية من الطهارة والشفافية والسمو الروحي. والحديث عن اقتحام العمل وطهارة العمل العبري لم يكن أمراً مجازياً بل كان حرفياً إلى أقصى درجة، فلقد قام بعض العمال العرب الذين استأجرهم المستوطنون الصهاينة بغرس أشجار غابة هرتزل، فقام العمال اليهود باجتثاثها ثم أعادوا غرسها في اليوم التالي من خلال العمل العبري الطاهر.

والحديث عن اقتحام العمل والعمل اليدوي بهذا الشكل الرومانتيكي يدل على الجذور الطبقية البورجوازية الصغيرة للصهيونية العمالية التي جاءت جماهيرها من بين قطاعات اجتماعية فشلت في التأقلم مع أوضاعها الطبقية والاقتصادية الجديدة في شرق أوربا، ولم تتمكن من اللحاق بمن هاجر إلى الولايات المتحدة أو غرب أوربا، فكان عليها أن تبحث عن بنيان اقتصادي جديد يمكنها أن تتكيف معه، فوجدت ضالتها المنشودة في العودة إلى عالم زراعي مقدَّس في أرض الأجداد المقدَّسة!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015