ومن الواضح أن مجموعات الأمن على الطرق تحاول بث أقصى درجات الفزع بين الفلسطينيين لإجبارهم على التزام حالة من الوجود الهامشي حيث يتعين عليهم تحت تأثير الفزع التحرك في هامش بالغ الضيق داخل مناطق الحكم الذاتي وحولها. وتعتبر هذه المجموعات أن غايتها هي تكثيف شعور الفلسطينيين بانعدام الأمن والسلامة خارج مناطق أو معازل الحكم الذاتي وتأكيد انفصال هذه (المناطق/المعازل) عن بعضها البعض.

وتتغاضى الحكومات الإسرائيلية بقيادة حزبي العمل والليكود عن النشاط الإرهابي لمجموعات الأمن على الطرق. ويدلي قادة هذه المجموعات بتصريحات متكررة عن أنشطتهم الإرهابية لوسائل الإعلام الإسرائيلية دون أن يتلقوا إشارة ردع من السلطات. بل إن هذه التصريحات تحمل الطابع التفاخري الذي بات شهيراً في تاريخ الإرهاب الصهيوني.

وإذ كان هناك تصور يقضي بأن المستوطنين يمارسون ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية لقطع الطريق على احتمال إخلاء المستوطنات وأن هذه الضغوط وصلت إلى حد التهديد بالعصيان ضد الحكومة نفسها، فإن علاقة إرهاب المستوطنين بالدولة تظل تميل إلى كونها أقرب إلى علاقات التعاون والتكامل في إطار ثوابت المشروع الصيهوني.

وبعد مرور سنوات على اتفاق أوسلو فإن الدولة الصهيونية تُبقي على قوانينها التمييزية العنصرية لصالح مشروعية إرهاب المستوطنين الموجه إلى الفلسطينيين. كما أن الحكومات بقيادة حزبي الليكود أو العمل لم تقترب مطلقاً من محاولة التفكير في المساس بصورة المستوطن اليهودي المسلح. ورغم مذبحة الخليل فإن السلطات الإسرائيلية لم تسع مطلقاً لنزع سلاح المستوطنين، بل يحق التساؤل عن وجود تخطيط مسبق في قرار اتخذته الحكومة الإسرائيلية قبل أسابيع معدودة من اتفاق أوسلو يقضي بتحديث تسليح المستوطنين والسماح بحرية حركة مطلقة في تجولهم بأسلحتهم بالضفة وغزة (القرار صدر في مارس 1993) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015