ويؤكد المفكر الباحث الإسرائيلي إسرائيل شاهالو أن ثمة علاقة وثيقة بين الدولة والجيش والمستوطنين في القضايا الأمنية بعد اتفاق أوسلو. كما يرصد التحول في خصائص المستوطن اليهودي من أجل الكيبوتس بوصفه "مزارعاً أو عاملاً مسلحاً" إلى رجل المستوطنات الأمنية والدينية بوصفه "موظفاً ومجنداً لدى جهاز الدولة". فأعتى المستوطنين اليهود تطرفاً هم بالأساس يعملون كموظفين مدنيين أو عسكريين يعيشون على أموال ودعم الحكومة الإسرائيلية. وتقدَّر مع حلول النصف الثاني من التسعينيات نسبة الموظفين التابعين لأنشطة الدولة بين المستوطنين بأكثر من الثلثين.
والحكومة الإسرائيلية تبدو بعد أوسلو رهينة لميول المستوطنين المتطرفة والإرهابية ولذا فإنها لم تبد بعد أي استعداد للتخفف بجدية من بعض مهامها القمعية والإرهابية الرسمية ضد الفلسطينيين في ظل التفاوض مع قيادتهم.
ومن الواضح أن عمليات الإرهاب المؤسسية، أي التي تقوم بها أجهزة الدولة الصهيونية، لا تزال نشيطة لأقصى درجة، الأمر الذى يتضح في اغتيال الشهيد "المهندس" يحيى عياش، وفي محاولة اغتيال خالد مشعل، من خلال استخدام سلاح لا تزال هويته غير معروفة، وإن كان يبدو أنه من الأسلحة الميكروبية التي تحظر هيئة الأمم استخدامها.
ويظل مستقبل الإرهاب الإسرائيلي (دولة ومستوطنين) رهناً بانتزاع الطبيعة الصهيونية، أي الاستيطانية الإحلالية العنصرية، وبتخلي الحكومات الإسرائيلية عن شعار "الأمن اليهودي أولاً" وهو أمر لم تتضح بعد شواهد جدية عليه رغم الاقتراب من انتهاء المرحلة الانتقالية للحكم الذاتي (والمقرر لها خمس سنوات) .
وفي ضوء خبرة ما بعد أوسلو يمكن القول بأن حدود وأشكال الإرهاب الصهيوني الإسرائيلي قد انحسرت جزئياً على رقعة الجغرافيا وذلك بحكم تسلُّم الحكم الذاتي لسلطاته في أكثر من بقعة بالضفة والقطاع، ولكن يبقى صحيحاً أن الدوافع التاريخية المزمنة لهذا الإرهاب لم تنتف بعد.