كما تقترن سياسة الحصار والتجويع هذه عادةً بتهديدات إرهابية من كبار المسئولين الإسرائيليين بإعادة اقتحام مناطق الحكم الذاتي لشن "عمليات تأديب" داخلها. وبحجة الأمن الإسرائيلي أيضاً يمتد نشاط إرهاب الدولة إلى الدول العربية وذلك في ظل الترويج لمشروع التعاون الشرق أوسطي. وتظل الاعتبارات المتحكمة في المشروع الصهيوني هي السائدة في مواجهة مقاومة الاحتلال. وتجسد حالة لبنان سطوة هذه الاعتبارات الصهيونية إذ لم يتورع شيمون بيريز "مهندس" الشرق أوسطية عن شن عدوان وحشي على لبنان في مارس وأبريل 1996وارتكاب مذبحة "قانا".
ولعل أكثر الإشكاليات المطروحة بشأن الإرهاب الإسرائيلي بعد أوسلو هي: العلاقة بين الدولة والمستوطنين. ويوحي اغتيال إسحق رابين رئيس الوزراء السابق على يد مستوطن يهودي ـ في سابقة تُعَد الأولى في تاريخ التجمُّع الصهيوني ـ بأن إرهاب المستوطنين يأخذ طابعاً مستقلاً عن الدولة إن لم نقل متحدياً لهيبتها وسياساتها. وربما يعزز ذلك الإيحاء عودة المستوطنين إلى اتخاذ المبادرة في أعمال إرهابية مدوية من قبيل مذبحة الحرم الإبراهيمي بالخليل وإطلاق النار على سوق المدينة نفسها قبيل أيام من التوصل إلى اتفاق إعادة الانتشار بها.
وتتجه أنشطة المستوطنين الإرهابية إلى التبلور مرة أخرى في أشكال تنظيمية بعد فترة سابقة من الكمون ورغم قرار الحكومة الإسرائيلية حظر جماعتي كاخ وكاهاناحي، فإن اسمي هاتين الجماعتين وقيادتيهما يعود إلى الظهور في أعمال إرهابية متفرقة ضد الفلسطينيين.
ولعل أوضح الأشكال التنظيمية حضوراً بعد اتفاق أوسلو هو ما يُسمَّى "بلجنة الأمن على الطرق" والتي تعود أصلاً إلى عام 1988. ولكنها لم تظهر بقوة سوى بعد سبتمبر 1993. ويبدو دور هذا التنظيم الاستيطاني ـ الذي يتكون من مجموعات شبه مستقلة عن بعضها ـ متمماً لصيغة الطرق الالتفافية وآلية "الحصار الجماعي".