1 ـ التحليل البنيوي يتجاهل كلاًّ من الواقع المادي والإنسان الفرد ويعلقهما (كما يفعل الفينومينولوجيون مع الواقع) ويَردُّ كل شيء إلى مبدأ واحد لا هو موضوعي ولا هو ذاتي، لا هو مادي ولا هو عقلي، فالبنيوية من ثم شكل من أشكال التفكيك والتقويض الجذري الذي يهدف إلى إلغاء الذات الفردية (أو على الأقل إزاحتها عن مركز الكون) وفي تعليق الموضوع المباشر (المضمون الحقيقي) . وبالفعل، نجد أن فوكو (البنيوي التفكيكي) يتنبأ باختفاء ظاهرة الإنسان كليةً، لأنها ظاهرة غير ذات بال، بل إنها نوع من أنواع التصدع في النسق الكوني الطبيعي. وهو أيضاً يُهاجم سارتر لأنه يُدافع عن الواقع الإنساني التاريخي. ويتحدث ألتوسير عن تاريخ يتحرك دون ذات تاريخية فاعلة، تاريخ كله مبني للمجهول إن أردنا استخدام مُصطلَح بنيوي.

2 ـ تدور البنيوية في إطار نموذج واحدي تطبقه تطبيقاً شاملاً على كل شيء، ولذا فهي مذهب أحادي تبسيطي (بل وإرهابي على حد قول أحد النقاد الإنسانيين الهيومانيين) .

3 ـ النموذج البنيوي مستمد من أصل علمي (لغوي ـ رياضي) ويميل نحو التجريد المخل الذي يُسقط التجربة الإنسانية المتعيِّنة كما يهتم بشكل متطرف بقواعد البنية دون مضمونها. ومن هنا، فإن البنيوية تصلح لمجتمع تسوده وتحكمه التكنوقراطية، ولا يهتم بالرؤية الكلية، مجتمع سيطر عليه تماماً العقل الأداتي والترشيد الإجرائي والالتزام بالقواعد دون الهدف والغاية. والبنيوية لا تهتم بالتغيير الذي يتطلب إدراك مثل هذه الرؤية الكلية (ويرى ليفي شتراوس أن سارتر وأمثاله من فلاسفة التجربة المعاشة يُصعِّدون مشاغلهم الشخصية إلى مرتبة المشكلات الفلسفية القائمة، أي أنهم يعودون إلى مرحلة ما قبل العلمية ويتناسون العلم بتجريداته ونماذجه الشكلية) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015