ويُفرِّق البنيويون بين التعاقب (بالإنجليزية: دياكرونيك diachronic) والتزامن (بالإنجليزية: سينكرونيك synchronic) ويرون أن البنية خالية من الزمان (ومن هنا معارضتهم النزعة التاريخية والتاريخانية) . بل يمكن القول بأن البنية المُثلى هي البنية المجردة تماماً من الزمان، أي البنية الرياضية (فصدق المعادلات الرياضية لا ينبع من أنها متسقة مع واقع خارج عنها وإنما من اتساقها مع نفسها) . ويتضح الانتقال من الإنساني إلى اللاإنساني في التحليل البنيوي، فرغم أنه يهدف إلى اكتشاف بنية العقل الإنساني عن طريق تحليل نواتج هذا العقل من أساطير ونظم اجتماعية ولغة وطقوس، إلا أنه لا ينتهي في عالم الإنسان وإنما ينتهي في عالم الأرقام والأشكال الهندسية ومعادلات السالب والموجب. فالتحليل البنيوي يأخذ شكل تصاعُد عمليات التجريد، وتعليق متصاعد للمضامين الفردية والإنسانية، واختزال التفاصيل المتعينة وتصفية الثنائيات، بهدف التبسيط من أجل الوصول إلى مقولة أساسية وبناء أساسي كامن وراء كل الأنساق. ويمكن تصوير البنية باعتبارها ذات طابع هرمي، ويسود القانون نفسه الذي يضبط العلاقة بين العناصر على كل المستويات من قاعدة الهرم إلى أن نصل إلى قمته حيث نجد أن المبدأ البنيوي هو أعلى درجات التجريد؛ مبدأ لا يعرف المكان ولا الزمان، ولا الضحك ولا البكاء، ولا الإنسان ولا التاريخ.

وإذا طبقنا هذا على المفردات المختلفة للحضارة الواحدة (من طعام وطقوس وعادات) فإننا سنكتشف من خلال عملية تجريد متصاعدة أن ثمة لغة كلية واحدة تضمها جميعاً، ويمكننا فهم بنية هذه الحضارة من خلال فك شفرة هذه اللغة. ولكن ثمة تصاعداً لمعدلات التجريد وتعليقاً متزايداً للمضامين الفردية المتعيِّنة للحضارات المختلفة يكشفان لنا أن ثمة لغة كلية شاملة تضم كل لغات الحضارات المختلفة وأن ثمة تماثلاً بنيوياً بين لغات الحضارات المختلفة وأنها في واقع الأمر لغة واحدة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015