ويمكن القول بأن البنية تشبه من بعض النواحي المُثُل الأفلاطونية المستقلة عن الظواهر التي تتبدَّى من خلالها وعن الأفراد الذين يعبِّرون عنها، وإن كانت المُثُل الأفلاطونية، رغم استقلالها عن الإنسان وتجاوزها له، تترك له مجالاً كبيراً لحرية الاختيار وفعل الخير والشر، ولذا فهي في واقع الأمر تشبه فكرة العقل الأول في الأفلاطونية المحدثة الذي تصدر عنه كل العقول الأخرى داخل سلسلة صارمة لا تسمح بحرية الاختيار، وتشبه نَفَس العالم (أنيموس موندي) عند الرواقيين، كما تشبه الروح المطلقة (جايست) عند هيجل. وهي لا تختلف كثيراً عن وثبة الحياة (بالفرنسية: إيلان فيتال elan vital) عند برجسون، أو الايدوس عند هوسرل، أو عالم الحياة عند هوسرل وهايدجر وهابرماس (بالألمانية: ليبنزفلت Lebenswelt) ، وقوة الحياة عند كثير من الفلاسفة الحيويين (بالإنجليزية: لايف فورس life force) ، وهي قوة تتجاوز الذات والموضوع وإن كانا يحققان اتحادهما من خلالها، وهي مقولة غيبية ميتافيزيقية رغم كل ادعاءاتها المادية ترتدي مسوح العقلانية والموضوعية. ولكنها، في واقع الأمر، ليست بعقلانية ولا موضوعية، فهي غير قابلة للقياس أو الرصد أو الفحص أو الملاحظة، ولا يمكن إدراكها بالحواس الخمس. وهذه المقولة هي إفراز الرؤية العضوية الداروينية والنيتشوية للواقع، وهي المعادل الموضوعي (في عصر المادية الجديدة) لفكرة قوانين الحركة المادية (في عصر المادية القديمة) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015