لغة: الولى القريب والنصير والصاحب وهو خلاف العدو. يقول المولى عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق} (الممتحنة 1) وقال سبحانه {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور} (الممتحنة 13). وقال تعالى
{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} (التوبة 71).
عرفا: الولى: العارف بالله تعالى. قال سبحانه {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (يونس 62). الولى شرعا: فعيل بمعنى فاعل من وليه إذا قام به. ومن ذلك قوله تعالى {وكفى بالله وليا} (النساء 45).
وولى المرء من يلى أمره ويقوم مقامه كولى الصبى والمجنون وكالوكيل. وولى المرء أيضا من يقوم بأمره بعد وفاته من ذوى قرابته، وهذه الولاية من أسباب التوارث.
الولاية اصطلاحا: سلطة شرعية تجعل لمن تثبت له القدرة على إنشاء العقود والتصرفات وتنفيذها بحيث تترتب آثارها الشرعية عليها بمجرد صدورها.
ولى الأمر اصطلاحا: الحاكم. قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} (النساء 59)
وسلطة الولاية لها قيود شرعية، روعيت فيها صلاحية الولى للولاية، ومصلحة المولى عليه فى نفسه وماله.
وقد أوجب الله سبحانه وتعالى طاعة ولى الأمر بشروطها فى قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شيء فردوه إلى الله والرسول ... } (النساء59) فأمر عز وجل بطاعته وطاعة رسوله ?، وأعاد الأمر إعلاما بأن طاعة الرسول ? تجب استقلالا من غير عرض ما أمر به على الكتاب، بل وجبت طاعته مطلقا سواء كان ما أمر به فى الكتاب أو لم يكن فيه؛ لأن النبى? أوتى الكتاب ومثله معه.
ولم يأمر عز وجل بطاعة أولى الأمر استقلالا، بل جعل طاعتهم ضمن طاعة الرسول? إعلانا بأنهم يطاعون تبعا لطاعة الرسول ?، فمن أمر بخلاف ما جاء به الرسول ? فلا سمع له ولا طاعة، لما صح عن النبى ? من قوله "لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، رواه الترمذى وأبو داود. وقوله ?: "إنما الطاعة فى المعروف، رواه البخارى وقوله ? فى ولاة الأمور: " من أمركم منهم بمعصية فلا سمع له ولا طاعة،. رواه ابن ماجه. وقد اتفق على ذلك إجماع المسلمين بعد وفاة النبى? حيث خطب الخليفة الأول أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في المسلمين بعد مبايعته، وقال: " أطيعونى ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لى عليكم،. وعن العرباض بن سارية قال: "وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة بليغة وجلت فيها القلوب وذرفت منها العيون فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافا كثيرا. فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين. تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ. وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجه وأحمد والدارمى.
وبناء على القاعدة الأصلية التى وضعها القرآن الكريم لطاعة أولى الأمر، وفصلها الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - فى سنته الشريفة، وعمل بها الخلفاء الراشدون المهديون يتوجه على ولى الأمر أن يقوم بكل ما فيه صلاح الأمة، ويتعين عليه أن يولى على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده لذلك العمل، وقد حذر النبى? من مخالفة ذلك فى قوله: "من ولى من أمر المسلمين شيئا، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله " رواه الحاكم.
وقد اتفق علماء المسلمين على أنه لا يجوز الخروج على ولاة الأمور أو منازعتهم إلا أن يظهر منهم كفر بواح فيه من الله برهان.
وذلك لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما. فيختل الأمن وتضيع الحقوق وتضطرب معايش الناس.
وفى حالة ظهور الكفر البواح يجيز العلماء الخروج على الحاكم لإزالته، ووضع حاكم عادل رشيد يعمل بشرع الله إذا توافرت القدرة على ذلك. أما فى حالة عدم القدرة أو فى حالة خشية وقوع ضرر أكبر فلا يجوز الخروج على الحاكم بأى حال. ويجب السمع والطاعة فى المعروف ومناصحة ولاة الأمور والدعاء لهم بالخير، والاجتهاد فى تخفيف الشر وتكثير الخير وحفظ مصالح الأمة.
والنبى ? يقول- كما روى ابن عباس رضى الله عنهما-: " من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات مات ميتة جاهلية " رواه البخارى ومسلم وصدق رسول الله ?.
أ. د/ سعاد صالح