لغة: بكسر الواو هى المحبة والنصرة كما فى قوله تعالى {ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون} (المائدة 56)
وتأتى بمعنى الخطة والإمارة والسلطان أو البلاد التى يتسلط عليها الوالى. وتطلق أيضا على القرابة فيقال " على ولاية واحدة " أى يد واحدة، أى مجتمعون على النصرة أو فى الخير والشر. وكان بين المهاجرين والأنصار فى مبدأ الهجرة إلى المدينة مؤاخاة وولاية وكانت هذه الولاية توجب التوارث فصارت الولاية فى معنى التوارث فى ذلك الحين وقد نسخ هذا. والولاية مصدر من ولى الشيء أو ولِّى عليه. وقيل بالفتح- أى فتح الواو- النصرة وبالكسرة أى تولى أمره.
والولى- بسكون اللام- القرب والدنو. يقال: تباعد بعد ولي. والولِىّ: قيل بمعنى فاعل من وليه أى قام به ومنه قوله عز وجل {وكفى بالله وليا} (النساء 45).
واصطلاحا: القدرة على مباشرة التصرف من غير توقف على إجازة أحد. وقيل إنها تنفيذ القول على الغير سواء شاء أم أبى. وهذا المعنى الاصطلاحى أقرب أن يكون مأخوذا من الولاية فى اللغة بمعنى الإمارة لأن الأمير يتصرف فى أحوال من تحت يده وينفذ أحكامه عليهم.
والولاية: سلطة شرعية تجعل لمن تثبت له القدرة على إنشاء العقود والتصرفات وتنفيذها بحيث تترتب آثارها الشرعية عليها بمجرد صدورها. وسلطة الولاية لها قيود شرعية روعيت فيها صلاحية الولى ومصلحة المولى عليه فى نفسه وماله.
وقد قسم فقهاء الحنفية الولاية ثلاثة أقسام:
ولاية على النفس وولاية على المال وولاية على النفس والمال معا.
والولاية على النفس هى: الإشراف على شئون القاصر الشخصية كالتزويج والتعليم والتطبيب والتشغيل وهى تثبت للأب والجد وسائر الأولياء.
والولاية على المال هى: تدبير شئون القاصر المالية من استثمار وتصرف وحفظ وإنفاق وتثبت للأب والجد ووصيهما. ووصى القاضى.
والولاية على النفس تنقسم إلى: ولاية إجبار، وولاية اختيار، وولاية حتم وإيجاب، وولاية ندب واستحباب.
وأسباب الولاية ستة هى: الأبوة- الإيصاء - العصوبة- الملك- الكفالة- السلطنة.
وتثبت الولاية للأقارب العصبات الأقرب فالأقرب لقول على - رضي الله عنه - (النكاح إلى العصبات) فتكون الولاية على الترتيب الآتى: البنوة ثم الأبوة ثم الأخوة ثم العمومة ثم المعتق ثم الإمام والحاكم، أى: الابن وابنه وإن نزل.
الأب والجد العصبى الصحيح وإن علا.
الأخ الشقيق والأخ لأب وأبناؤهما وإن نزلوا.
. العم الشقيق والعم لأب وأبناؤهما وإن نزلوا.
. ثم يأتى بعد هؤلاء المعتق ثم العصبة النَّسبية ثم السلطان ونائبه وهو القاضى. ويشترط فى الولى شروط، وهى:
. كمال الأهلية: بالبلوغ والعقل والحرية فلا ولاية للصبى والمجنون والمعتوه (ضعيف العقل) والسكران، وكذا مختل النظر بهرم أو خبل (وهو فساد فى العقل) والرقيق لأنه لا ولاية لأحد من هؤلاء على نفسه لقصور إدراكه وعجزه فى غير الرقيق.
. اتفاق دين الولى والمولى عليه: فلا ولاية لغير المسلم على المسلم ولا للمسلم على غير المسلم.
. الذكورة: وهى شرط عند الجمهور غير الحنفية.
. العدالة: وهى استقامة الدين بأداء الواجبات الدينية، والامتناع عن الكبائر، وعدم الإصرار على الصغائر.
. الرشد: وهو عند الحنابلة معرفة الكفء ومصالح النكاح وليس حفظ المال، لأن الرشد فى كل مقام بحسبه. وعند الشافعية عدم التبذير فى المال.
وتكون الولاية على الصغير والصغيرة، والمجنون الكبير والمجنونة الكبيرة، سواء أكانت الصغيرة بكرا أم ثيبا. فلا تثبت هذه الولاية على البالغ العاقل، ولا على العاقلة البالغة؛ لأن علة ولاية الإجبار عندهم هى الصغر وما فى معناه وهذه العلة متحققة فى الصغار والمجانين دون غيرهم.
وترتفع الولاية بزوال أسبابها. يقول المولى عز وجل: (وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا) (النساء6) فبينت الآية الكريمة قواعد التصرف فى أموال المولى عليهم ووقت وشروط كيفية دفع أموالهم إليهم.
أ. د/ سعاد صالح