الوفاة: الموت، فإذا أضيف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه قد جرى على النبى صلى الله عليه وسلم مايجرى على الناس فى قوله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون} الزمر:30، وماذكر به أبو بكر رضى الله عنه المؤمنين الذين اشتد بهم الحزن بموت الرسول صلى الله عليه وسلم: أما بعد، من كان منكم يعبد محمدا فإن محمد قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حى لايموت. قال الله تعالى {ومامحمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن ماتا أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرالله شيئا وسيجزى الله الشاكرين} آل عمران:144، ومع هذه الحقيقة فإن الحزن الشديد قد أخذ بالناس كل مأخذ لحبهم الشديد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والذى عبر فيه آنس رضى الله عنه بقوله: "لما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء فيها كل شئ، ولما مات أظلم منها كل شىء" ولذلك وجدنا عمر رضى الله عنه مع قوته وشدته يكلم الناس قبل أبى بكر رضى الله عنه منكرا موت الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد أن سمع تذكير أبى بكر بالقرآن جلس على الأرض لاتحمله قدماه، وكأنهم لم يسمعوا الآية إلا تلك الساعة (1).
والسيدة فاطمة رضى الله عنها قالت وهو فى مرض الوفاة: واكرب أباه، فقال لها: ليس على أبيك كربا بعد اليوم (2) فقالت بعد الوفاة: يا ابتاه. أجابا ربا دعاه، يا أبتاه فى جنة الفردوس ماواه، ياأبتاه إلى جبريل ننعاه (3).
وسبق موت النبى صلى الله عليه وسلم الاطمئنان على أمته بعد أن أكمل الله الدين، وأتم النعمة حيث كشف فى صلاة الفجر يوم وفاته ستر حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها ونظر إلى المسلمين وهم فى صفوف الصلاة ثم تبسم وضحك وكأنه يودعهم، وهم المسلمون أن يعبروا عن فرحتهم بخروجه، وتأخر أبو بكر رضى الله عنه حيث ظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد الخروج للصلاة فأشار الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم بيده أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر.
وكان عندما حضره الموت مستندا إلى صدر أم المؤمنين عائشة، وكان يدخل يده فى إناء الماء كى يمسح وجهه ويقول: لآ إله إلا الله، إن للموت سكرات، وأخذته بحة وهو يقول: {مع الذين أنعم الله عليهم} ويقول: "اللهم فى الرفيق الأعلى" فعرفت السيدة عائشة أنه يخير، وأنه يختار الرفيق الأعلى (4).
ولحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى وترك للناس ما إن تمسكوا به لن يضلوا أبدا، كتاب الله وسنة نبيه.
أ. د/محمد رأفت سعيد