57 - المِلكيَّة

لغة: مصدر صناعى من المُلك والمِلك والمَلك، وهو احتواء الشىء والقدرة على التصرف فيه بانفراد، فهو مع القدرة على التصرف (كما فى اللسان) والملك والمالك الحقيقى هو الله تعالى فهو مالك يوم الدين.

واصطلاحا: عند الفقهاء: الاختصاص، والعلاقة الشرعية بين الإنسان والشىء، التى ترتب له حق التصرف فيه، وتحجز الغير عن هذا التصرف، وهو قدرة يثبتها الشرع ابتداء على التصرف إلا لمانع.

وقيل: حكم شرعى يقدر فى عين أو منفعة يقتضى تمكن من ينسب إليه من انتفاعه به، والعوض عنه من حيث هو كذلك.

- وعند الحكماء: هو هيئة تفرد للشىء بسبب ما يحيط به وينتقل بانتقاله، ويطلق أيضا على الجدة وعلى القنية.

ويستعمل الملك أيضا فى ملك الرقبة أى ملك الذات، وملك المنفعة أى الوظيفة، وملك اليمين يغلب استعماله فى الرقيق.

والملك باعتبار صاحبه ثلاثة أنواع:

- ملكية الدولة أو ملكية بيته المال: وتضم كل مال استحقه المسلمون ولم يتعين مالكه، كبيت مال الزكاة بأنواعها، وبيت مال المصالح ويضم: الخراج والفىء وخمس الغنائم والجزية والعشور والركاز، وبيت مال الضوائع. ويضم: وارث من لا وارث له، واللقطة، وديات القتلى الذين لا أولياء لهم، ويتصرف فيه ناظر بيت المال تصرف الملاك الخاصين فى أملاكهم بما يحقق مصلحة الجماعة المسلمة.

- الملكية العامة أو الجماعية: وهى ملكية مشتركة بين مجموع أفراد الأمة دون أن يختص بها أحد منهم، إما لتجاوز المنفعة من هذه الأشياء على ما يبذل فى سبيلها من جهد ونفقة، وإما لكون نفعها ضروريا لمجموع الأمة ولا غنى لأفرادها عنها. وتشمل الملكية المشتركة المرافق العامة من أنهار وشوارع وطرقات ومراعى وغابات وغيرها. فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون شركاء فى ثلاث: فى الماء والكلأ والنار" رواه أحمد.

الحمى: وهى أرض لا يملكها أحد وتخصص لمصلحة عامة، كأن تكون مرعى لإبل الصدقة وخيل الجهاد.

والأراضى الموقوفة لمصلحة المسلمين: كالأراضى التى فتحت عنوة ولم توزع على الغانمين.

والمعادن المستقرة فى الأراضى بخلق الله ظاهرة وباطنة، كالذهب والفضة والنحاس والحديد والبترول.

- الملكية الخاصة: ويكون مستحقها وصاحبها فردا أو جماعة على سبيل الاشتراك، وتشمل كل الأموال الحلال، من نقود وعروض قنية وعروض تجارة وأصول ثابتة ووسائل الإنتاج، والتى لا تقع ضمن الملكية العامة المشتركة للمسلمين أو ملكية بيته مال المسلمين.

والملكية فى الإسلام ذاته سمة فريدة فهى لجميع أنواعها ملكية استخلاف، حيث إن الملك والملكية لله تعالى، فهو وحده سبحانه: {مالك يوم الدين} الفاتحة:4، وهو جل جلاله {مالك الملك} آل عمران:26. وهو سبحانه: {بيده ملكوت كل شىء} المؤمنون:88،يس:83، وهو المالك الأوحد {ولم يكن له شريك فى الملك} الفرقان:2، كما ذكرت آيات القرآن الكريم فى ثمانية عشر موضعا أنه سبحانه وتعالى له ملك السماوات والأرض، والبشر مستخلفون - فرادى وجماعات - فى الأرض {ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم} النور:55.

وقد قسم العلماء طرق وأسباب اكتساب الملكية إلى أربعة أقسام:

- باعتبار وجود الإرادة وعدمها: إلى أسباب اختيارية كالاستيلاء على المباح بما فى ذلك إحياء الأراضى الموات وسائر- العقود، وأسباب جبرية كما فى الميراث.

- باعتبار الصفة الأصلية إلى أسباب منشئه كالإحياء والصيد، وأسباب ناقلة كما فى العقود والميراث.

- باعتبارالصيغة إلى أسباب فعلية كالاستيلاء على المباح، وأسباب قولية كما فى العقود، وأسباب اعتبارية كما فى الميراث.

- باعتبار الشخص الذى تؤول إليه الملكية: إلى ما كان بعمل شرعى من أنواع السعى كالتجارة والصناعة والزراعة والصيد، وما كان بحكم شرعى كالزكاة والنفقات والإرث والكفارات، أو ما كان بإرادة الغير كالهبة والصدقة والوقف والإقطاع.

وقد حفظت الشريعة الإسلامية حق الملكية الخاصة والمشتركة وملكية الدولة بتحريم التملك عن طريق وسائل الغش والخداع كالتلاعب بالأسعار والغرر، وعن طريق الظلم والاستغلال كالغصب والسرقة والاختلاس والرشوة والربا والاحتكار، وعن طريق تحديد المصالح التى تبيح تدخل الحاكم لتقييد الملكية الخاصة أو مصادرتها.

كما حفظت الشريعة دور الملكية فى المجتمع عن طريق تحريم التملك لكل ما فيه ضرر عائد على الأفراد أو الجماعات فى أعراضهم وأموالهم وعقولهم، كالإتجار بالأعراض والخمر والميسر وكافة المحرمات.

كذلك حفظت الشريعة السمحاء التوازن الدقيق بين مصلحة الفرد وحق الجماعة بما حددته من مبادىء تحفظ حق كل من الملكية الخاصة والملكية العامة وملكية الدولة، وكيفية استعمال كل منها، وانتقال الملكية الخاصة من شخص لآخر فى حياته وبعد موته.

أ. د/نعمت عبد اللطيف مشهور

طور بواسطة نورين ميديا © 2015