لغة: جمع مملوك وهو العبد (1).
واصطلاحاً: المملوك هو الذى اشتُرى بالمال، وأصبح ملكا للمشترى (2).
ويعد الخليفة المعتصم هو أول من بدأ بجلب المماليك الأتراك، ليقوى بهم فى الحروب التى واجهته، وليكونوا موضع ثقته بعد أن خاف أن يكون هوى الجند العرب مع منافسيه العلويين.
وقد كانت تربية المماليك، وتدريبهم تمر بمراحل متعددة، فإن تجار الرقيق يجلبون أعدادا منهم، ويعرضونهم على السلاطين، وكان السلاطين يختارون منهم أحسنهم قامة وصحة، ومن يبدو عليه الذكاء والنجابة، فإذا تمت عملية الشراء، وضعهم السلاطين فى أبراج خاصة بهم، ورتبوا لهم من الفقهاء والعلماء من يلقنونهم الدين والعلوم، ويأخذونهم بملازمة الفرائض، فإذا تم ذلك وتقدمت بالمماليك السن تجاه الشباب، وكِّلوا إلى مدربين عسكريين لتلقينهم النظم العسكرية، وفنون الحرب، فإذا تمّ للمملوك ذلك انتقل لخدمة سيده، ليلحق بحرسه الخاص أو بديوانه أو بجيشه وسواء عمل هنا أو هناك، فإن مواهبه قد تدفعه إلى الصدارة (3). وقد كان من عجيب أمر المماليك أنهم كانوا يعتزون بهذه التسمية ولا يرضون عنها بديلا، ويرون فيها مجدهم حتى أنهم كانوا قد أسندوا السلطة لأمير منهم عُرف بالشجاعة والإقدام، وهو المؤيد شيخ، ثم تبين لهم أنه لم ينشأ تنشئة المماليك الحقة، لأن بيعه تم بعد أن بلغ الثانية والعشرين من عمره، فقد كان ذلك سببا فى قيام بعض الثورات ضده.
وقد كانت الفوضى وعدم الولاء طابع المماليك، فالعزل والتولية يخضعان للقوة، والمؤامرات تحاك من الخصوم والأعوان على السواء والغدر يقع بالقائد المظفر المبرّز بعد أن يحقق انتصارا ضخما فى معارك فاصله، فبدلاً من الفخر به وبانتصاره يكون مصيره القتل مثلما حدث مع القائد قطز الذى قتل عقب انتصاره على التتار، فى معركة عين جالوت.
أما من حيث طوائف المماليك فإن المؤرخين اتفقوا على أن المماليك قسمان: القسم الأول: ويعرف بالمماليك البحرية، وهؤلاء جلبهم الملك الصالح نجم الدين أيوب، واختار منهم الصالح فرقة للأسطول سميت الفرقة البحرية، ولذلك سمى هؤلاء المماليك بالمماليك البحرية أو المماليك الأتراك، وحكم هؤلاء مصر والشام من سنه 1250 م- 1382م.
والقسم الثانى: يعرف بالمماليك البرجية وهم من الشراكسة اشتراهم السلطان قلاوون وسموا بذلك لأن السلطان الأشرف خليل بن قلاوون عندما قسم المماليك السلطانية إلى طوائف أسكين طائفة الشركس فى أبراج القلعة، وكان عددهم آنذاك 2700 مملوك.
وقد كان من أشهر سلاطين المماليك: السلطان قطز والسلطان بيبرس والسلطان قلاوون والسلطان محمد بن قلاوون.
وقد حاول المماليك البحرية أن يقلدوا سادتهم الأيوبيين فى نظام الوراثة، وقد بدأ الظاهر بيبرس بخلق نظام ولاية العهد فجعلها لأولاده من بعده، وإذا كان الظاهر لم ينجح فى تثبيت ولاية العهد فى أسرته، فإن السلطان قلاوون نجح فى ذلك، فبقى الملك فى بيته حوالى مائة عام حتى سقوط المماليك.
وفى عصر حكم المماليك لمصر والشام نشطت بعض الحرف والصناعات كصناعة الزجاج والأوانى المعدنية والجلود وصناعة الأسلحة والسفن، وبعض الصناعات الدقيقة كالزخرفة والأدوات النحاسية ونهض فن العمارة فى عهدهم نهضة واسعة، وآية ذلك تلك المساجد والمدارس والمستشفيات التى خلّفوها.
وكان النظام الطبقى فى المجتمع المملوكى قائما على اعتبار الفلاح فى القاع ثم التجار والصناع فى منزلة أعلى منه، ثم أمراء المماليك، وكانوا فى قمة هذا المجتمع، حيث عاشوا منعزلين منفصلين عن السكان لا يختلطون بهم ولا يتزوجون منهم إلا فى النادر القليل.
(هيئة التحرير)
1 - المعجم الوسيط- مجمع اللغة العربية مادة (ملِك) 2/ 922.
2 - السلوك فى معرفة دول الملوك. المقريزى ط دار الكتب القاهرة 1/ 370.
3 - موسوعة التاريخ الإسلامى د/ أحمد شلبى دار النهضة المصرية- القاهرة سنة 1979 م ط رابعة 5/ 198.