كتاب: جمع كاتب والكاتب عند العرب العالم، ومنه قوله تعالى: {أم عندهم الغيب فهم يكتبون} الطور:41 (1).
والوحى فى اللغة: إعلام الغير بشىء فى خفاء.
واصطلاحا: إعلام الله تعالى لنبى من أنبيائه، وهو من خصائص الأنبياء والرسل، ويكون مباشرة كما فى تكليم الله موسى على الجبل، أو بواسطة الملائكة الذين يحملون التعاليم الإلهية إلى من اصطفاهم الله من خلقه وهم الرسل، وقد جاء ذكر الوحى فى الديانات الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام، ويعتبر القرآن الكريم هو الوحى المنزل على النبى صلى الله عليه وسلم باللفظ المنقول عنه بالتواتر حفظا وكتابة، ويعتبر إعجاز القرآن اثباتا لنبوته عليه السلام (2).
وقد اتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم كتابا للوحى، منهم من كان يكتب فى بعض الأحيان ومنهم من كان منقطعا للكتابة ومتخصصا لها، وكلما نزل شىء من القرآن الكريم أمرهم عليه السلام بكتابته مبالغة فى تسجيله وزيادة فى التوثيق والضبط والاحتياط لكتاب الله تعالى، حتى تظاهر الكتابة الحفظ ويعاضد النقش اللفظ وكان هؤلاء الكتّاب من خيرة الصحابة.
وكان عليه السلام يدلهم على موضع المكتوب من سورته فيكتبونه فيما يسهل عليهم من العسب (جريد النخل) واللخاف (الحجارة الرقيقة) وقطع الأديم (الجلد) والرقاع (من الورق والكاغد) ثم يوضع المكتوب فى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينقض العهد النبوى إلا والقرآن مجموع على هذا النمط (3).
وكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم عددا من الكتّاب وصل بهم بعض المؤرخين إلى ستة وعشرون كاتبا، ووصل بهم البعض الآخر إلى اثنين وأربعين كاتبا منهم فى مكة:
"على بن أبى طالب وعثمان بن غفان. وأبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وخالد بن سعيد بن العاص، وعامر بن فهيرة. والأرقم بن أبى الأرقم، وأبو سلمة عبدالله بن عبد الأسد المخزومى، وجعفر بن أبى طالب. وحاطب بن عمرو، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وعبدالله بن أبى بكر".
وأضيف إليهم فى المدينة:
"أبو أيوب الأنصارى، وخالد بن زيد. وأُبىُّ ابن كعب، وزيد بن ثابت، وعبدالله بن رواحة، ومعاذ بن جبل، ومعيقب بن أبى فاطمة الدوسى، وعبدالله بن عبدالله بن أُبّى بن سلول، وعبدالله بن زيد، ومحمد بن مسلمة،
وبريدة بن الحصيب، وثابت بن قيس بن شماس، وحذيفة بن اليمان، وحنظلة بن الربيع، وعبدالله بن سعد بن أبى سرج".
وزاد بعد الحديبية:
"أبو سفيان صخر بن حرب، ويزيد بن أبى سفيان، ومعاوية بن أبى سفيان، وخالد بن الوليد، وجهم بن سعد وجهم بن الصلت بن مخرمة، والحصين بن النمير، وحويطب بن عبد العزى، وعبدالله بن الأرقم، والعباس بن عبدالمطلب، وأبان بن سعيد بن العاص، وسعيد بن سعيد بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص، وشرحبيل بن حسنة، والعلاء الحضرمى".
هذا وقد أضحى فى المدينة لكل كاتب اختصاص تقريبا، فكان يكتب الوحى على بن أبى طالب وعثمان بن عفان وزيد بن ثابت وأبىّ بن كعب ويكتب للملوك والأمراء زيد بن ثابت ويكتب للمعاهدات على بن أبى طالب ويكتب لحوائج الناس المغيرة بن شعبة ويكتب المدانيات فى المجتمع عبدالله بن الأرقم ويكتب الغنائم معيقب بن أبى فاطمة الدوسى، وعندما كان يغيب أى
كاتبا من هؤلاء، كان يكتب حنظلة بن الربيع، لذا عرف بالكاتب (4).
أ. د/عبدالله جمال الدين