لغة: هى ضد الوحدة.
واصطلاحا: الشيء الذى يقبل الانقسام إلى وحدات مختلفة والكثرة والوحدة لفظان. متقابلان متضايفان، فلا نفهم أحدهما دون نسبته إلى الآخر، لأننا نعرف الواحد فنقول:
إنه الشيء الذى لا ينقسم من الجهة التى قيل له إنه واحد.
والواحد بالعدد، إما أن يكون فيه بوجه من الوجوه كثرة بالفعل، فيكون واحدا بالتركيب والاجتماع، وإما أن لا يكون ... والكثير يكون كثيرا على الإطلاق، وهو العدد المقابل للواحد ... وقد يكون الكثير كثيرا بالإضافة، وهو الذى يترتب بإزائه القليل والكثرة تتطرق إلى الذوات من خمسة أوجه:
الاول: بقبول الانقسام فعلا أو وهما، فلذلك لم يكن الجسم الواحد واحدا مطلقا،
فإنه واحد د بالاتصال القائم القابل للزوال فهو منقسم فى الوهم بالكمية.
الثانى: أن ينقسم الشيء فى العقل إلى معنيين مختلفين لا بطريق الكمية، كانقسام الجسم إلى الهيولى والصورة.
الثالث: الكثرة بالصفات، بتقدير العلم والقدرة والإرادة.
الرابع: كثرة عقلية تحصل بتركيب الجنس والفصل: فالحيوانية غير الإنسانية فى العقل، إذ الحيوان جنس والناطق فصل.
الخامس: كثرة تلزم من جهة تقدير ماهية، وتقدير وجود لتلك الماهية، ولذلك يجوز أن يدرك العاقل ماهية الإنسان وماهية المثلث وليس يدرى أن لهما وجودا فى الأعيان أم لا.
فالكثرة صفة الشيء المركب من وحدات مختلفة، فإذا كانت هذه الوحدات قابلة للإحصاء كانت الكثرة متناهية، وإذا كانت غير قابلة للإحصاء كانت الكثرة غير متناهية.
ومذهب الكثرة هو المذهب القائل إن موجودات العالم ليست مجرد أعراض أو ظواهر لحقيقة واحدة مطلقة، وإنما هى مجرد جواهر شخصية كثيرة مستقلة بعضها عن بعض، ولكل منها صفات تخصّه، بخلاف مذهب الواحدية الذى يقرر أن جميع أشياء هذا العالم ترجع إلى حقيقة واحدة، ولا يجوز التعدد.
ومن المسائل الشائكة التى شغلت أذهان الفلاسفة مسألة صدور الكثرة عن الوحدة، فالقائلون بوحدة الوجود يقررون أن موجودات العالم ليست سوى أحوال أو أعراض لجوهر واحد عميق، والقائلون بإله واحد خلق العالم من لا شيء، يرجعون الكثرة التى فى الأشياء إلى فعل إرادة مطلقة تخلق الأشياء كما تريد،
وفى الوقت الذى تريد، وهذه الإرادة هى إرادة الله تعالى.
أ. د/ محفوظ عزام