لغة: كتب الكتاب كتبا وكتابا وكتابة خطه، الكتابة: صناعة الكاتب، كما فى الوسيط (1).
واصطلاحا: الكتابة -كخط- يستخدم فى تسجيل المعلومات قديمة جدا وترجع إلى الألف السادسة قبل الميلاد، وقد بدأت الكتابة بتصويرالأفكار ثم بتصوير الكلمات ثم بترميز الأصوات بالشكل الأبجدى، وإن كانت هناك حتى اليوم كتابات تصويرية بالكلمات.
والكتابة العربية -كخط- اشتقت من الكتابة النبطية فى نحو القرن الثالث الميلادى ودخلت إلى شمالى الجزيرة العربية فى نحو القرن الخامس الميلادى وأوائل السادس الميلادى.
وقد استخدمت الأبجدية العربية كفن زخرفى مع مطلع القرن (الثانى الهجرى، الثامن الميلادى)، وتأنق الخطاطون المسلمون فى ذلك تأنقا شديدا. وتفرع عن الكتابة العربية عشرات من الخطوط والأقلام مع مرورالوقت.
أما الكتابة كصناعة فقد عرفها العرب باسم صناعة الإنشاء. وقد برع العرب
فى تأليف الكتب حول هذه الصناعة وذلك بعد أن انتشر تدوين الكتب فى نهاية القرن الثانى الهجرى. ومن بين الكتب الهامة فى هذا الصدد كتاب ابن جماعة "تذكرة السامع والمتكلم فى أدب العالم والمتعلم" وكتاب القلقشندى "صبح الأعشى فى صناعة الإنشا".
ولقد أجمع العلماء المسلمون على أن صنعة الكتابة فضيلة والاشتغال بها عمل محمود، والنصوص فى هذا الصدد كثيرة.
وقد وضع العلماء المسلمون لصنعة الكتابة ظوابط وقواعد وآداب بعضها قواعد مادية، إبعضها قواعد معنوية. ومن أهم تلك القواعد:
1 - إذا كتب الكاتب شيئا من العلوم الشرعية، يجب أن يكون على طهارة مستقبلا القبلة، طاهر البدن والثياب والحبر والورق ويبتدىء كل كتاب بكتابة البسملة. وإذا فرغ من كتابة الكتاب أوالجزء فليختمه بالحمد له والصلاة على النبى، وكلما كتب اسم لله تعالى أتبعه بالتعظيم مثل: تعالى، سبحانه، ويتلفظ بذلك.
وكلما كتب اسم النبى كتب بعده صلى الله عليه وسلم ولا يسأم من تكريرها ولايختصرها، ويجب أن يتلفظ بها وهو يكتبها، وإذا مر بذكر أحد من الصحابة كتب بعده رضى الله عنه أو رضوان الله عليه. أما إذا مر بذكرأحد من الأئمة كتب بعده رحمه الله أو رحمة الله عليه أو تغمده الله برحمته.
2 - لايهتم الكاتب بالمبالغة فى حسن الخط وإنما يهتم بصحته وتصحيحه ويتجنب التعليق وهو خلط الحروف التى ينبغى تفرقها والمشق وهو سرعة الكتابة مع بعثرة الحروف. قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه:
شر الكتابة المشق وشر القراءة الهدرمة (التصفح السريع دون تدبر المعنى) وأجود الخط أبينه.
3 - يكره فى الكتابة فصل مضاف اسم الله تعالى منه: عبدالله، عبدالرحمن، رسول الله، فلا يكتب عبد أو رسول فى نهاية السطر والله أو الرحمن فى بداية السطر التالى لقبح صورة الكتابة.
4 - وإذا كان الكاتب ينسخ كتابا فعليه مقابلة النسخة على أصل موثوق صحيح فالمقابلة متعينة للكتاب الذى يرام به النفع. قال عروة بن الزبير لابنه هشام رضى الله عنهما: كتبت؟ قال: نعم، قال: عرضت كتابك؟ (أى على أصل صحيح) قال: لا، قال: لم تكتب.
وإذا صحح الكتاب بالمقابلة على أصل صحيح أو على شيخ فينبغى أن يعجم المعجم، ويشكل المشكل، ويضبط الملتبس، ويتفقد مواضع التصحيف.
5 - على الكاتب أن يكتب على ماصححه وضبطه فى الكتاب (صح) صغيرة. ويكتب فوق ماوقع فى التصنيف وهو خطأ (كذا) صغيرة أى هكذا رأيته، ويكتب فى الحاشية (صوابه كذا) إن كان يتحققه أو (لعله كذا) إن غلب على ظنه، ويكتب على ما أشكل عليه ولم يتبين صحته (ضبة) وهى صورة رأس صاد مهملة مختصرة (ص).
6 - لايكتب الكاتب الكتابة الدقيقة لأنه ربما لم ينتفع بها وقت الحاجة من كبر وضعف بصر، ثم محله فيمن عجزعن ثمن ورق أو حمله فى سفر فيكون معه خفيف المحمل فلا كراهة فى ذلك ولا منع للعذر، والكتابة بالحبر أولى من المداد.
7 - ينبغى ألا يكون القلم صلبا جدا فيمنع سرعة الجرى، ولا رخوا فيسرع إليه الحض، وقال البعض إذا أردت أن تجود خطك فأطل جلفتك وأسمتها، وحرف قطتك وأيمنها، ولتكن الساكين حادة جدا لبراية الأقلام وكشط الورق
ولا تستعمل فى غير ذلك. وليكن مايسقط عليه القلم صلبا وهم يحمدون القصب الفارسى جدا والأبنوس الصلب الثقيل.
8 - ينصح الكاتب عادة بكتابة الأبواب بالحمرة فإنه أظهر فى البيان وفى فواصل الكلام، وكذلك لابأس به على أسماء أو مذهب أو أقوال أو طرف أو أنواع أو لغات أو أعداد أو نحو ذلك.
ومن أدوات الكتابة عند المسلمين: القلم - المداد - الدواة - المدية - المقط - المفرشة - الممسحة - المقلمة.
وقد تطورت مواد الكتابة عند المسلمين مع مرور الزمن: من مواد طبيعية مثل العسب والكرانيف، والعظام، واللخاف، وقطع الفخار، إلى مواد مصنعة كالمهارق، والبردى، والرق، ثم الورق.
أ. د/شعبان عبدالعزيز خليفه