2 - الكُتَّاب

لغة: الكتاب بالضم والتشديد، والمكتب واحد والجمع: الكتاتيب والمكاتب (1)

واصطلاحا: استخدمه المسلمون للدلالة على المكان الذى ينال فيه الأطفال المسلمون تعليمهم الأول سواء تم هذا التعليم داخل المسجد أم فى أماكن مستقلة أو ملحقة بالمسجد. وتؤكد الشواهد التاريخية أن المسلمين قد عرفوا الكُتَاب منذ عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يذكر ابن حزم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمت إلا وقد انتشر الإسلام وظهر فى جميع جزيرة العرب، "كلهم قد أسلم وبنوا المساجد ليس فيها مدينة ولا قرية ولا حلة لأعراب إلا وقد قرئ فيها القرآن فى الصلوات وعلمه الصبيان والرجال والنساء" (2)

وإذا كان وجود الكتاب لتعليم القرآن قراءة وكتابة فى عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - يحتاج الى مزيد من الأدلة والتدعيم فإن الذى لا شك فيه أن المسلمين قد عرفوا الكتاب فى عهد عمر بن الخطاب يقول ابن حزم "ثم مات أبو بكر ووليه عمر ففتحت بلاد فارس طولاً وعرضا وفتحت الشام والجزيرة ومصر كلها ولم يبق بلد إلا وبنيت فيه المساجد ونسخت فيه المصاحف وقرأ الأئمة القرآن وعلمه الصبيان فى المكاتب شرقا وغربا" (3).

ولما كان الإسلام يحث على طلب العلم ويجعله فريضة على كل مسلم، فقد اندفع المسلمون لطلب العلم كما أوجب الإسلام على الآباء أن يعلموا أولادهم إذا كانوا قادرين على ذلك (4) وفى حال عدم القدرة تحفل كتب التراجم بأسماء معلمين علموا الصبيان مجانا، وصبيان تعلموا من الأوقاف التى كان يحبسها المحسنون على طلاب العلم، بجوار ما كان يسود المجتمع الإسلامى من شعور بالتكافل الاجتماعى بين أفراده، مما أتاح لكثير من الصبيان أن يتعلموا على نفقة صديق أو قريب أو جار. كذلك وجدت مكاتب للأيتام والفقراء خاصة لرعاية شئونهم وتقديم "المعاليم" النقدية والعينية لهم ولمؤدبيهم، وأقبل الحكام وغيرهم على إنشاء تلك الكتاتيب للفقراء وغير القادرين (5).

وطوال العصور الإسلامية وحيثما ذهب الإسلام انتشرت الكتاتيب لتعليم الصبيان أساسيات الإسلام من قرآن وسنة وسيرة وفقه ولغة وحساب، بحيث وحدت تلك الكتاتيب ثقافة الأمة، وحافظت على لغة القرآن، ويكفى أن ننقل هنا ما ذكره أحد الباحثين أنه حتى فى قمة عصور الضعف والركود الثقافى فى القرن الثامن عشر فإن بلدا إسلاميا كمصر لم توجد به قرية واحدة إلا وبها مؤسسة تعليمية على الأقل (كتاب) لتعليم الأطفال (6). هذا وما تزال بعض الكتاتيب قائمة حتى اليوم فى عالمنا الإسلامى وإن نافستها بشدة مدارس التعليم الابتدائى على النمط الأوروبى، ولو أحسنت دول العالم الإسلامى

صنعا لحافظت على الكتاتيب مع تطويرها وتحديثها كمؤسسة للتعليم الابتدائى فى جميع أنحاء العالم الإسلامى.

أ. د/ عبد الرحمن النقيب

1 - لسان العرب مادة (كتب). المعجم الوسيط والقاموس المحيط والصحاح، والمورد.

2 - الفصل فى الملل والنحل- ابن حزم 1/ 66.

3 - المرجع السابق 1/ 67

4 - التربية فى الإسلام- أحمد فؤاد الأهوانى ص 67

5 - بحوث فى التربية الإسلامية- عبد الرحمن النقيب 2/ 23،33

6 - المرجع السابق 2/ 81.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015