اصطلاحا: إذا أريد تعريف الكتاب تعريفا ماديا فهو مجموعة من الصفحات المكتوبة أو المطبوعة (على ورق أو على مادة أخرى مناسبة للكتابة أو الطباعة)، والمثبتة مع بعضها من أيّة ناحية أو أى طرف بحيث يمكن فتح الكتاب على أية صفحة من تلك الصفحات.
ومع انتشار الطباعة وسيادتها أصبح المصطلح ينصرف تلقائيا إلى ما هو مطبوع، على حين يطلق على الكتاب المكتوب بخط اليد مصطلح "المخطوط الأصلى للكتاب "، ومعنى هذا الاقتصار فى استعمال الكتاب على ما طبع منه عدد من النسخ.
ومع تقدم الوسائل الإلكترونية يطلق مصطلح " الكتاب الإلكترونى" أو "النسخة الإلكترونية" التى بدأ إنتاجها من كتب مطبوعة من قبل، ومن الجائز مستقبلا أن يقتصر نشر بعض الكتب على النشر الإلكترونى فلا تتاح فى غيره من وسائل الطباعة.
بدأت الكتابة على ألواح من الطين أو الصلصال أو قطع من الخشب، وعرف السومريون والبابليون الكتاب الفخارى قبل أربعة آلاف سنة، وتوصل القدماء المصريون إلى الكتابة على أوراق مصنوعة من سيقان نبات البردى الذى ينمو فى وادى النيل، وهكذا كانت الكتب المصرية القديمة لفائف طويلة من صفحات البردى. وبدأت صفحات الرَّق تحل محل البردى حوالى 400 قبل الميلاد (وفى بعض الأقوال أن هذا لم يحدث إلا فى حدود عام 200 ق. م) وقد عثر العلماء فى أحد القبور المصرية على لفافة بلغ طولها 21 مترا وعرضها 38 سم تحتوى كتاب الموتى (ويعود تاريخ القبر الذى ضمها إلى 2400 قبل الميلاد) كما عثروا على لفافات أطول من ذلك. وقد صدرت مصر البردى إلى مختلف البلدان التى أقبلت عليه لخفة وزنه وصلاحيته للكتابة.
وقد أخذ الإغريق نظام اللفافات من المصريين، وعنهم أخذه الرومان، ومن لفظة البردى papyrus اشتقت لفظة الورق paper.
أما اسم الكتاب فى اللغة الإغريقية رضي الله عنهiblion فقد اشتقه الإغريق من اسم مدينة "جُبَيل رضي الله عنهyblos هى الميناء الفينيقى الذى أصبح فيما بعد مركزا لتصدير البردى. ومن هذه الكلمة نشأت رضي الله عنهible للدلالة على الكتاب المقدس.
أما الرق فقد صنع من جلود بعض الحيوانات (الخراف والماعز) بعد معالجتها بطرق خاصة تجعلها صالحة للكتابة عليها. وإلى الرومان يرجع الفضل فى تقنين مقاسات مختلفة لصفحات الكتب وخياطة هذه الصفحات معا. وإلى الرهبان يرجع الفضل فى ابتكار طرق تزيين المخطوطات بالزخارف، ولما اخترع جوتنبرج الطباعة (1436) كان هذا إيذانا بنقطة تحول فى تاريخ الكتابة نقلته من طور المخطوطة إلى طور المطبوعة. قد كان الكتاب المقدس أول كتاب طبع فى أوروبا، وقد طبعه جوتنبرج نفسه ما بين 1452 و 1455.
ومن ثم عُرف الكتاب على النحو الذى نعرفه الآن وأصبح بمثابة أبرز الوسائل المعرفية على الإطلاق وأكثرها تأثيرا ووجودا.
2 - ويطلق مصطلح الكتاب بصفة خاصة فى الأديان على النص الحاكم لشرائع وطبائع ومقومات الدين، والكتاب عند المسلمين هو القرآن الكريم، ويرد بهذا الاسم فى القرآن الكريم نفسه فى مواضع عديدة، كما يطلق أيضا على اللوح المحفوظ وهو المراد على سبيل المثال فى قوله تعالى: {ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين} (الأنعام 59) والكتاب المقدس هو المصطلح الذى يطلق على العهد القديم عند اليهود، وعلى العهد القديم والعهد الجديد معا عند المسيحيين، إذ لا يعترف اليهود بالأناجيل على حين يعتبرها المسيحيون كلمة الله، ويشمل العهد القديم التوراة والأسفار الملحقة بها، وهى كل ما يؤمن به اليهود. وقد بدأ الكتاب المقدس كتراث شفهى بالعبرية، ثم ترجم إلى الآرامية واليونانية، ثم إلى السريانية واللاتينية فى القرن الثانى للميلاد، أما الترجمة الإنجليزية الكاملة فلم تظهر إلا فى نهاية القرن الرابع عشر.
وتعدد وسائل ضم الكتب: الخياطة والتغرية، والأسلاك المعدنية، ويكون للكتاب غلاف: ورقى أو كرتونى أو قد يجلد بالقماش والجلد ونحوهما.
فى القرن الثامن للميلاد بدأ العرب يستخدمون الورق بدلا من الرقوق، وعنهم أخذته البلدان الأوروبية فى القرن الثانى عشر. وقد أنشئ أول مصنع للورق فى بريطانيا فى القرن الخامس الميلادى.
وبعد انتشار الطباعة نشأت دور النشر التى تتولى صناعة إصدار الكتاب وتوزيعه، وهى الآن عملية ذات مراحل متعددة تبدأ بإعداد المخطوطة للطبع. ضبط النص، والتصحيح اللغوى، ورسم ما تحتاجه من إيضاحات أو خرائط أو جداول أو صور، ووضع نموذج لطريقة إخراجها كى يسترشد به الطابع وينفذه، ثم الطبع.
وقد يشترى الناشر المخطوطة لقاء مبلغ معين مقطوع أو مقابل نسبة مئوية من عائدات الكتاب تدفع إليه سنويا. وقد عرف القدماء النشر فى صوره البدائية: فكان هناك مَنْ امتهنوا نسخ المخطوطات وبيعها.
ويشمل النشر اليوم عائلة الكتاب الكبيرة من الصحف، والمجلات، والاسطوانات، والأفلام الثقافية، والخرائط الجغرافية، ووسائل الإيضاح ثم الكتاب الصوتى والإلكترونى.
أ. د/ محمد الجوادى