لغة: قَدْر الشىء مبلغه، وهو أن يكون مساوياً لغيره من غير زيادة ولا نقصان (1).
واصطلاحاً: التساوى فى المعيار الشرعى الموجب للماثلة صورة وهو الكيل والوزن.
قال الراغب: (2) القدر والتقدير تبين كمية الشىء، وقوله - صلى الله عليه وسلم - فى الهلال: (فإن غُمَّ عليكم فاقدروا له) (رواه البخارى ومسلم) (3) أى قدروا عدد الشهر حتى تكملوا ثلاثين يوماً.
أحكام القدر:
1 - القدر المعفوُّ عنه من النجاسة:
رأى الحنفية أن قدر الدرهم وما دونه من النجاسة المغلظة: كالدم والبول والخمر ونحوها معفو عنه، وجازت الصلاة معه.
أما المالكية فيقولون: بالعفو عن قدر درهم من دم وقيح وصديد وسائر النجاسات، لأن الإنسان لا يخلو عنه.
أما الشافعية فقالوا: بالعفو عن اليسير من الدم والقيح ونحوهما مما يعسر الاحتراز عنه.
أما الحنابلة فيقولون: بأنه لا يعفى عن يسير النجاسة ولو لم يدركها الطرف، وإنما يعفى عن يسير الدم وما يتولد منه من القيح والصديد.
2 - قدر النصاب فى الزكاة وقدر الواجب فيها:
واختلف فى قدر النصاب فى أنواع الأموال التى تجب فيها الزكاة كنصاب زكاة الأنعام، ففى الإبل إذا بلغت خمساً: شاة، وفى البقر إذا بلغت ثلاثين: تبيع أو تبيعة، وفى الغنم إذا بلغت أربعين: شاة.
وفى زكاة الذهب إذا بلغ النصاب عشرين مثقالاً والفضة مائتى درهم فالمقدار الواجب فيهما ربع العشر، وعروض التجارة تقوم ثم تعامل معامله الذهب والفضة.
وفى زكاة الزروع والثمار إذا بلغت خمسة أوسق فيها العشر إن سقيت بغير كلفة ونصف العشر إن سقيت بكلفة.
3 - القدر من العلل الربوية:
اتفق الفقهاء على ثبوت الربا فى الأشياء الستة المنصوص عليها (4). فى حديث الذهب بالذهب مثلاً بمثل، والفضة بالفضة مثلاً بمثل، والتمر بالتمر مثلاً بمثل، والبُر بالبُر مثلاً بمثل، والملح بالملح مثلاً بمثل، والشعير بالشعير مثلاً بمثل (رواه مسلم).
كما اتفق فقهاء الأمصار على أن حكم الربا غير مقصور على الأشياء الستة وأن فيها معنى ويتعدى الحكم بذلك المعنى إلى غيرها من الأموال.
واتفقوا على أن علة الذهب والفضة واحدة، وعله الأعيان الأربعة واحدة، ثم اختلفوا فى تلك العلة.
فذهب الحنفية إلى أن العلة هى الجنسية والقدر، عرفت الجنسية بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (التمر بالتمر والحنطة بالحنطة) (رواه مسلم).
وعرف القدر بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (مثلاً بمثل) ويعنى بالقدر الكيل فيما يكال والوزن فيما يوزن، فقد بين أن العلة هى الكيل والوزن. وروى عن عبادة وأنس أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعا واحدا، وما كيل فمثل ذلك، فإذا اختلف النوعان فلا بأس به) ووجه التمسك به أنه عليه الصلاة والسلام رتب الحكم على الجنس والقدر، وهذا نص على أنهما علة الحكم، لما عرف أن ترتب الحكم على الاسم المشتق ينبئ عن علّيّه مأخذ الاشتقاق لذلك الحكم، فيكون تقديره: المكيل والموزون مثلاً بمثل بسبب الكيل أو الوزن مع الجنس، والذى يدل عليه حديث أبى سعيد وأبى هريرة: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً على خيبر فجاءهم بتمر جنيب. فقال: أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال إنا نأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال: فلا تفعل، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً وقال فى الميزان مثل ذلك) (رواه البخارى) (5) أى فى الموزون، إذ نفس الميزان ليس من أموال الربا، وهو أقوى حجة فى علّيّه القدر، وهو بعمومه يتناول الموزون كله الثمن والمطعوم وغيرهما (6).
(هيئة التحرير)