5 - القبلة

لغة: الجهة، يقال: ما لكلامه قبلة. جهة. وأين جهتك؟.

واصطلاحا: التوجه إلى الكعبة فى الصلاة، لأن المسلمين يستقبلونها فى

صلاتهم (1). وقد جعل الله التوجه إليها شرطا يجب على المصلى الإتيان به وإلا بطلت صلاته قال تعالى {فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} البقرة:144.

والحاضر بالمسجد الحرام يجب عليه أن يستقبل الكعبة ذاتها والذى يقيم بعيدا عنها عليه أن يستقبل جهتها لأن هذا هو المستطاع له، وقد يسر الله على عبادة كل ما يتصل بعبادتهم فعن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ما بين المشرق والمغرب قبلة" وهذا بالنسبة لأهل المدينة ومن جرى مجراهم كأهل الشام والجزيرة والعراق.

وأما أهل مصر فقبلتهم بين الشرق والجنوب، وأما أهل اليمن فالمشرق عن يمين المصلى والمغرب عن يساره، وأهل الهند، المشرق يكون خلف المصلى والمغرب أمامه وهكذا، ويستعان فى معرفة الاتجاه نحو الكعبة فى كل مكان ببيت الإبرة (البوصلة)، وإذا لم يتمكن المصلى من تحديد الاتجاه

الصحيح نحو الكعبة بسبب غيم مثلا فعليه أن يسأل ويجتهد، فإذا فعل ذلك وأخطأ، فلا يعيد صلاته، وإذا تبين الخطأ أثناء الصلاة صار إلى الصواب وهو فى صلاته ولا يقطعها، فعن بن عمر رضى الله عنهما قال: بينما الناس بقباء فى صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة ولا يسقط شرط استقبال القبلة الا فى الحالات الآتية:

1 - صلاة النفل للراكب فقبلته حيث اتجهت وسيلة سفره من دابة أو سيارة أو طائرة فعن عامر بن ربيعة قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على راحلته حيث توجهت به". رواه البخارى ومسلم، وزاد البخارى: يومى، والترمذى: ولم يكن يضيف فى المكتوبة وعن أحمد ومسلم والترمذى: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى على

راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، وفيه نزلت {فأينما

تولوا فثم وجه الله} البقرة:115.

2 - صلاة المكره والمريض والخائف، إذا عجروا عن استقبال القبلة لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا أمرتكم بأمرفأتوا منه ما استطعتم" وفى قوله تعالى {فإن خفتم فرجالا أوركبانا} البقرة:239.

قال ابن عمر رضى الله عنهما: مستقبلى القبلة، أوغيرمستقبلها. (رواه البخارى).

وإذا كان التوجه إلى القبلة يحقق للأمة هذا التوحد، فإنه يحقق لها. أيضا هذا التواصل مع أنبياء الله ورسله حيث كانوا يتوجهون إلى الكعبة المشرفة، ولذلك لما أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالتوجه إلى بيت المقدس كان منه السمع والطاعة وكانت اختبارا للناس فى حسن الاستجابة لأمر الله عز وجل فى سائر الأحوال، وعلى السمع والطاعة من النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.

كانت الرغبة مع الرجاء فى أن يحقق الله لهم التوجه إلى أول بيت وضع للناس، فاستجاب الله وحقق الرجاء، وأمر بالتوجه إلى القبلة التى يرضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصار الحال إلى ماحكاه ابن عباس، وذكره البغوى: "البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة أهل المشرق والمغرب" وهو قول مالك رحمه الله.

وفى الصحيحين عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا وكان

يحب أن يوجه إلى الكعبة" فأنزل الله عز وجل: {نرى تقلب وجهك فى السماء} البقرة:144.

فتوجه نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس {ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها} البقرة:142.

فقال الله تعالى {قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم} البقرة:142.

أ. د/محمد رأفت سعيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015