7 - العبادة

لغة: الخضوع والتذلل للغير لقصد تعظيمه، ولا يجوز فعل ذلك إلا لله، وتستعمل بمعنى الطاعة (1).

واصطلاحا: ذكروا لها عدة تعريفات متقاربة منها:

1 - هى عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف (2)

2 - هى الطاعة والتذلل، وطريق معبد إذا كان مذللا للسالكين (3).

3 - هى أقصى غاية الخضوع والتذلل (4).

4 - هى اسم لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال والأعمال الظاهرة والباطنة. وللعبادة مميزات:

1 - العبادة لا تصدر إلا عن وحى:

لما كان المقصود من العبادة تهذيب النفس بالتوجه إلى الله والخضوع له والانقياد لأحكامه بالامتثال لأمره؛ فلا تصدر إلا عن طريق الوحى: القرآن الكريم، والسنة النبوية، فقد ورد فى الصحيح: "من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (5).

أما الأمور العادية التى تجرى بين الناس لتنظيم مصالحهم الدنيوية، فالمقصود منها: التوجيه إلى إقامة العدل بينهم، ودفع الضرر، فيجوز فيهما الاجتهاد فيما لم يرد فيه نص، لتحقيق العدل ودفع الضرر.

2 - اشتراط النية فى العبادات:

لا خلاف بين الفقهاء فى اشتراط النية فى العبادات لحديث: "إنما الأعمال بالنيات " (6). والحكمة فى إيجاب النية فيها: تمييز العبادة عن العادة، ولهذا قالوا: تجب النية فى العبادة التى تلتبس بعادة، فالوضوء والغسل يترددان بين التنظيف والتبرد والعبادة، والإمساك عن المفطرات قد يكون للحمية والتداوى، وقد يكون لعدم الحاجة إليه، وقد يكون للصوم الشرعى، والجلوس فى المسجد يكون للاستراحة ويكون للاعتكاف، ودفع المال للغير قد يكون صدقه تطوع وقد يكون فرض الزكاة؛ فشرعت النية لتمييز العبادة عن غيرها، والصلاة قد تكون فرضا أو نفلا، فشرعت النية لتمييز الفرض عن النفل.

أما التى لا تلتبس بعادة، كالإيمان بالله والخوف والرجاء والآذان والإقامة وخطبة الجمعة، وقراءة القرآن والأذكار فلا تجب فيها النية لأنها متميزة بصورتها (7).

3. هل تدخل النيابة فى العبادات؟

قسم الفقهاء العبادة إلى ثلاثة أقسام:-

1 - عبادة بدنية محضة.

2 - عبادة مالية محضة.

3 - عبادة مترددة بينهما.

فالعبادة البدنية المحضة كالصلاة والصوم والوضوء والغسل، فالأصل فيها امتناع النيابة، إلا ما أخرج بدليل كالصوم عن الميت، لأن المقصود من التكاليف البدنية الابتلاء والمشقة، وهى تحصل بإتعاب النفس والجوارح بالأفعال المخصوصة، وهو أمر لا يتحقق بفعل نائبه، فلم تجزئ النيابة إلا فى ركعتى الطواف تبعا للنسك فى الحج عن الميت أو المعضوب، ولو استناب فيهما وحدهما لم يصح.

أما الصوم عن الميت فيقبل النيابة لحديث ورد فيه عن ابن عباس- رضى الله عنهما: "جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "يا رسول الله إن أمى ماتت وعليها صوم نذر" أفأصوم عنها؟ فقال: "أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان ذلك يؤدى عنها قالت نعم قال: فصومى عن أمك (8). "

أما العبادات المالية المحضة: كالصدقة والزكاة والكفارات والنذر والأضحية ونحو ذلك فتصح فيها النيابة، لأن الإمام لا يفرقها على المستحقين إلا عن طريق النيابة.

وأما العبادة المترددة بين المالية والبدنية: كالحج عن المعضوب أو الميت فتصح فيها النيابة.

ويجوز للإنسان أن يجعل ثواب ما فعله من عبادة لغيره وهذا محل اتفاق فى العبادات غير البدنية المحضة كالصدقة والدعاء والاستغفار والوقف عن الميت وبناء المسجد عنه والحج عنه.

واختلف العلماء فى العبادات البدنية المحضة كالصلاة وتلاوة القرآن فقال الحنفية والحنابلة: له أن يجعل ثواب عبادته لغيره؛ لأنه وردت أحاديث صحيحة فى الصوم والحج والدعاء وهى عبادات بدنيه. وقال الإمام الشافعى: لا يفعل عن الميت الصلاة عنه قضاء أو غيرها وقراءة القرآن لقوله تعالى {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} (النجم 39) وهو مذهب المالكية، وحكى النووى من الشافعية وجها أن ثواب القراءة يصل إلى الميت (9).

أ. د./ فرج السيد عنبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015