8 - العباسيون

العباسيون: هم أبناء عباس (1) بن عبدالمطلب القرشى الهاشمى، عم النبى صلى الله عليه وسلم وكافله بعد أخيه أبى طالب وصاحب السقاية والعمارة.

ولد قبل النبى عليه الصلاة والسلام بسنتين، ودخل فى دينه قبل هجرته إلى المدينة، وكان يكتم إسلامه بناء على توجيه منه صلى الله عليه وسلم، وقد شهد العقبة الثانية ليستوثق لابن أخيه من الأنصار، وشهد معه مشاهدكثيرة، منها: فتح مكة، وغروة حنين، والطائف، وغروة تبوك، وعاش صلى الله عليه وسلم حتى شارك فى دفن الرسول صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه، وتوفى سنة اثنتين وثلاثين هجرية ستمائة واثنتين وخمسين ميلادية، وله من العمر ثمان وثمانون سنة، بعد أن أدرك خلافة الشيخين، والشطر الأكبر من خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه الذى صلى عليه وشارك فى دفنه.

والعباس (2) وإن كان أقرب إلى النبى صلى الله عليه وسلم من علىّ كرم الله وجهه، فإنه لم يستشرف للخلافة، لعدم توافر شرطها الأساسى فيه وهو السبق إلى الإسلام، ووقف بجانب على رضى الله عنه يؤيده ويحضه على المطالبة بحقه ونسج على هذا المنوال نفسه أبناؤه العشرة من بعده، وهم:

1 - الفضل، وبه كان يكنى.

2 - عبدالله.

3 - عبيدالله.

4 - قثم.

5 - عبدالرحمن.

6 - معبد.

7 - الحارث.

8 - كثير.

9 - عون.

10 - تمام.

فأطاعوا عليا، وشاركوا فى حكومته ومعاركه التى دارت رحاها بينه وبين معاوية ابن أبى سفيان، ولما مالت كفة الصراع إلى غير صالحه أخذوا يتوجهون إلى الأمويين، ففارقه (3) عبدالله مستقيلا من البصرة، وفارق أخوه عبيدالله ولده الحسن، وآوى إلى معاوية.

ولما تنازل الحسن رضى الله عنه عن الخلافة، ونزل أخوه الحسين على إرادته، اعتقد العباسيون أن حقهم فيها قد سقط، وأنهم وحدهم صاروا أصحاب هذا الحق، فهادنوا الأمويين ونالوا جوائزهم، وفى الوقت نفسه راحوا يعدون أنصارهم للدعوة إليهم وأخذه عنوة من الأمويين وكانوا ينتظرون ثلاث علامات (4)، إحداها: هلاك الطاغية يزيد بن معاوية، والثانية: مجىء العام المكمل للمائة، والثالثة: قتل يزيد ابن أبى مسلم وانتفاض البربر.

ولما تم لهم ما أرادوا أخذوا فى الدعوة إلى أنفسهم وفق برنامج غاية فى الدقة والعمق، فجعلوا للدعوة مراكز ثلاثة: الحميمة، وفيها يقيم الإمام، والكوفة، وفيها يقيم نائبه الأول على العراق، وخراسان، وفيها يقيم نائبه الثانى وأتباعه من الدعاة والنقباء، وكان الاتصال بين هذه المراكز مرتبا ترتيبا دقيقا، إذ تخرج التوجيهات من الإمام فى الحميمة إلى نائبه فى الكوفة، ومنه إلى نائبه الثانى فى خراسان، ولكى لا يخفى على الإمام شىء من أخبار الدعوة وأسرارها فإنه كان يلتقى فى موسم الحج من كل عام بنائبيه فى العراق وخراسان والدعاة السبعين ونقبائهم الاثنى عشر، الذين كان ثمانية منهم من العرب وأربعة من الموالى.

كانت الدعوة فى بدايتها للرضا من أهل البيت، وذلك حتى لا يشغب أبناء فاطمة على العباسيين ويجهضوا دعوتهم قبل أن تبلغ الهدف وتدرك الغاية.

تبقى المراحل التى عبرتها الدعوة حتى أتت أكلها وهى المرحلة السرية: وكانت أطولها فقد بدأت سنة مائة وانتهت سنة مائة وتسع وعشرين.

أما المراحل الخمس الأخرى هى:

1 - الجهرية.

2 - المواجهة المسلحة.

3 - الفتح.

4 - قيام الدولة.

5 - الانتقام.

وقد مرت عبرثلاث سنين ما خلا مرحلة الانتقام فقد استغرقت خلافة السفاح، وهو أول من بويع له بالخلافة من بنى العباس.

وقد حكمت الخلافة العباسية العالم الإسلامى من سنة مائة واثنتين وثلاثين هجرية سبعمائة وتسع وأربعين ميلادية إلى سنة ستمائة وثمان وخمسين هجرية الف ومائتين وستين ميلادية.

حيث سقطت على أيدى المغول، الذين خربوا بغداد، وألقوا ما فى مكتباتها فى دجلة، وحرموا العالم من تراث علمى وفنى، لو أنه بقى لغير وجه الدنيا، وعدل مسار التايخ.

والذى يستعرض إنجازات هذه الخلافة يلاحظ أنها رفعت صرح الحضارة الإسلامية، ونشرت أضواءها شرقا وغربا، ففيها ترجمت إلى العربية ما تفتقت عنه العقول البشرية من الآداب، والعلوم، والفنون، وفيها ازدهرت النهضة الفقهية والمذهبية التى لم ير العالم لها نظيرا من قبل ولا من بعد.

وبعد، فهؤلاء هم العباسيون وهذه هى دولتهم التى رعت الحضارة، ورفعت ألوية المدنية، وأخرجت العالم كله من ظلام الجهل إلى نور العلم.

أ. د/عبدالعزيز غنيم عبدالقادر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015