اصطلاحا: هو الصلح الذى تم بين قريش وبين النبى صلى الله عليه وسلم وألف وأربعمائة من الصحابة، فى وادى الحديبية، فى شهر ذى القعدة من العام السادس للهجرة الموافق لسنة ستمائة وسبع وعشرين ميلادية، بعد مفاوضات شاقة وظروف صعبة، وقد تم الصلح بينهما على شروط أربعة هى:
1 - أن توضع الحرب عن الناس عشر سنين.
2 - أن من أراد الدخول فى عهد محمد صلى الله عليه وسلم دخل فيه، ومن أراد الدخول فى عهد قريش دخل فيه.
3 - أن يعيد محمد صلى الله عليه وسلم إلى مكة من أتاه مسلما من غير إذن مواليه، ولا تفعل كذلك قريش.
4 - أن يعود محمد صلى الله عليه وسلم عامه هذا، ويأتى فى العام المقبل، فيقيم فى مكة ثلاثة أيام تخليها قريش له، وليس معه سوى سلاح المسافر، وهو السيوف فى الأغماد (1).
وقد اعترض الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه على الشرطين الثالث والرابع، واشتد حتى قال له الصديق: الزم غرزك، فإنى أشهد أنه رسول الله، وأن الله لا يضيعه.
كذلك اعترض على بن أبى طالب رضى الله عنه على ما أصرعليه سهيل بن عمرو عند كتابة الصلح من كتابة باسمك اللهم بدلا من البسملة، وكتابة اسم محمد وأبيه بدلا من محمد رسول الله (2)، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم ما سيجنيه من المكاسب للإسلام من وراء هذا الصلح ما لا يعلمه غيره، فقد أجاب سهيلا إلى ما أراده.
ولما جاء وقت الحلق والتقصير لم يستجب المسلمون؛ على أساس أنهم لم يدخلوا المسجد الحرام كما وعدهم النبى صلى الله عليه وسلم، فدخل النبى صلى الله عليه وسلم على أم سلمة أم المؤمنين وأخبرها الخبر، فأشارت عليه أن يكون هو البادىء بالحلق، فإن الناس لن يخالفوه، وكان الأمر كما توقعت.
وقد سمى هذا الصلح فتحا مبينا من قبل الله عز وجل، ونزلت فى تسجيل أحداثه سورة تحمل هذا الاسم (سورة الفتح)، وذلك لعدة أسباب، منها:
1 - اعتراف قريش بالإسلام، والسماع للمسلمين بزيارة البيت وأداء المناسك للحج.
2 - إتاحة الفرصة أمام القبائل لإرسال بعوثها إلى المدينة لزيارة النبى صلى الله عليه وسلم والاستماع لما يدعو إليه.
3 - إرسال النبى صلى الله عليه وسلم الكتب والرسل لدعوة الحكام فى كل مكان إلى الدخول فى الإسلام هم ورعاياهم (3).
أ. د/عبدالعزيز غنيم عبدالقادر