25 - الصليبيون

الصليبيون: هم الذين شنوا حملات عسكرية أوروبية على الشرق الإسلامى فى القرن الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر الميلادى بحجة استخلاص الأراضى المقدسة من أيدى المسلمين.

وسموا بذلك لاتخاذهم الصليب شعارا لهم، ورسمه على ملابسهم وراياتهم، محاولة منهم فى إصباغ حملاتهم بالصبغة الدينية، ولكن الحقيقة أن الدين لم يكن السبب الوحيد، ولا السبب المهم لها.

فهناك أسباب ودوافع وراء هذه الحروب منها:

1 - الأسباب التاريخية: فالحروب الصليبية هى فصل من فصول الصراع بين الشرق والغرب، ذلك الصراع الذى بدأ بحرب طروادة وفارس فى الأزمنة الغابرة، وانتهى بالتوسع الاستعمارى الأوروبى فى العصر الحديث فهى حلقة من هذه السلسلة.

وهذا الصراع بين الشرق والغرب يهدأ ويثور كالبركان فى هدوئه وثورته. فلما جاء القرن الحادى عشر اشتد غليان البركان، فثار متخذا الصليب هذه المرة أداة له أو مظهرا لغليانه.

2 - الأسباب الدينية: كان الشرق هو المهد الحقيقى لدين المسيح - عليه السلام -، ولكن المسيحية ترعرعت فى أوروبا، وانتشرت من خلال كنائس أوروبا وجامعاتها، وكانت هناك أديان تزاحم المسيحية فى عصورها المختلفة مثل: اليهودية والبوذية والكنفوشيوسية والإسلام.

ولكن الإسلام كان هو الدين الوحيد الذى انتشر بقوة جارفة، مقتحما على أوروبا المسيحية أبوابها من الغرب عن طريق الأندلس، ومن الشرق عن طريق القسطنطينية التى دق المسلمون أبوابها منذ العهد الأموى، كل هذا جعل أوروبا تناصب الإسلام العداء.

فضلا عن ذلك فإن سقوط الخلافة الأموية بالأندلس، وما تبع ذلك من هزائم وقعت بالمسلمين فى الميدان الغربى، شجع أوروبا لأن تضرب ضربتها من جهة الشرق، لتدمير قوى المسلمين، ووقف أى محاولات ترمى إلى مساعدة المسلمين لإخوانهم بالأندلس، أو مد يد العون لهم، ليستردوا قوتهم مرة أخرى، وواكب كل ذلك يقظة دينية مسيحية فى أوروبا آنذاك جعلت من أهدافها الاستيلاء على الأماكن المقدسة فى فلسطين، لتتولى الكنيسة البابوية بروما حماية هذه الأماكن المقدسة وإدارتها.

3 - الأسباب التجارية: وهى من الأسباب عظيمة الشأن فى هذا المقام، حيث إن التجار بالساحل الشمالى للبحر المتوسط فى البندقية، وجنوه، وبيزا، أرادوا امتلاك بعض الموانئ على الساحل الشرقى والجنوبى للبحر المتوسط، لتكون هذه الموانئ مركزا لتجارة الغرب فى الشرق، ولتتصل تجارة أوروبا عن طريق هذه المنافذ بالخطوط التجارية بالشرق، لذلك فقد بذل هؤلاء التجار المال والسلاح للتشجيع على الحروب الصليبية.

كل هذه الأسباب تتصل بصورة مباشرة بالصليبيين، لكن هناك أسباب تتصل بالجبهة الإسلامية فى هذه الحروب منها:

1 - حالة الضعف التى أصابت العالم الإسلامى بذهاب شوكة السلاجقة وتفككهم إلى دويلات تنازعت فيما بينها.

2 - ترنح الخلافة الفاطمية، وما حدث فيها من اضطراب وفوضى فى عهد الحاكم بأمر الله، ولم يصلح من جاء بعده هذه الأمور وإعادتها إلى نصابها نتيجة لتولى الصبية الصغار للخلافة، مما جعل زمام الأمور فى يد الوزراء.

3 - النزاع بين الفاطميين والسلاجقة على بلاد الشام، وكان الفاطميون على مذهب الشيعة، والسلاجقة على مذهب أهل السنة، فسعى كل فريق منهم إلى الإيقاع بالآخر، فنشبت بينهم الحروب التى أنهكت قواهم وأضعفتهم.

ولقد شن الصليبيون على الشرق الإسلامى سبع حملات:

الحملة الأولى (1097 - 1099م)

الحملة الثانية (1147 - 149 1م)

الحملة الثالثة (1188 - 192 1م)

الحملة الرابعة (1202 - 204 1م)

الحملة الخامسة (1218 - 221 1م)

الحملة السادسة (228 1 - 229 1م)

الحملة السابعة (1248 - 250 1م)

ولم تحقق هذه الحملات العسكرية أهدافها المرجوة التى حاول بها الصليبيون السيطرة على الشرق الإسلامى، وذلك للأسباب التالية التى يراها المؤرخون ومنها:

1 - سياسة الكنيسة التى كانت تضع مصلحتها فوق كل مصلحة، ولم يكن يهمها النصر، بقدر ما يهمها ما تجنيه من نتائجه.

2 - اهتمام أمراء الإقطاع بمصالحهم الخاصة، وتكوين إمارات يحكمونها ويورثونها لأولادهم، أكثر من اهتمامهم بالصالح العام الأوروبى والمسيحى فلم يكن الصليب سوى وسيلة للتغرير بالجماهير كأنه غطاء يخفون به أطماعهم الشخصية، ولكن اتضح الأمر لكثير من المسيحيين فقلل من حماستهم للحرب.

3 - عقد التجار الأوروبيون معاهدات تجارية مع المسلمين إذ كان الهدف الاقتصادى أهم باعث لديهم، فلما رأوا أهدافهم تتحقق بلا حروب وبطريق المعاهدات آثروا السلامة، وخذلوا ذويهم المسيحيين.

4 - زحف التتار على العالم الإسلامى فى مطلع القرن الثالث عشر، وما فعلوه من تدمير للحضارة الإسلامية، جعل أوروبا تجد فى زحف التتار تحقيقا لأهدافها دون بذل أى جهد من جانبها، لذا لم يقدموا مزيدا من العون للصليبيين.

5 - تجمع المسلمين من مختلف الأنحاء لمواجهة الصليبيين حيث اتضح للصليبيين أنهم ليسوا فقط أمام مصر وسوريا بل أمام القوى الإسلامية من مختلف البقاع، فقد أظهر المسلمون حماسا لم يكن فى حسبان الصليبيين، فلم يكد المسلمون يهزمون فى الشوط الأول من هذه الحروب، حتى تناسوا الى حد كبير ما بينهم من خصومات، وتجمعت كلمتهم لاستعادة الأرض التى افتقدوها، لذا مال المصريون إلى نور الدين زنكى، ورحبوا بالقائد السلطان صلاح الدين، وتغلب الصالح العام على المصالح الخاصة، ووقفت الجماهير تنصر من يعمل على تجميع الكلمة، وتخذل من يسعى لمصالح ذاتية.

(هيئة التحرير)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015