22 - صلة الأرحام

لغة: وصل الشيء وصلا وصلة: ضمَّه به وجمعه ولأمه، ووصل رحمه: أحسن إلى الأقربين إليه من ذوى النسب والأصهار، وعطف عليهم، ورفق بهم، وراعى أحوالهم، والصلة العطية، والجائزة، والزاد.

والرحم لغة: القرابة أو أسبابها (يذكر ويؤنث). والجمع: أرحام، وذوو الأرحام: الأقارب الذين ليسوا من العصبة، ولا من ذوى الفروض: كبنات الأخوة، وبنات الأعمام. كما فى الوسيط (1).

واصطلاحا: غير الفرضيين منهم- يراد بهم عند الإطلاق الأقارب (2) غير أنه فى فروع بعض المذاهب بين الأرحام والأقارب عموم وخصوص مطلق، فمثلا لا تدخل قرابة الأم فى الوقف على القرابة عند الحنابلة، بينما لو وقف على ذوى رحمه يدخل الأقارب من الجهتين، وهم عند أهل الفرائض أخص من ذلك، ويراد بهم "من ليسوا بذوى سهم ولا عصبة ذكورا أو إناثا "، والأرحام وذوو الأرحام بمعنى واحد على لسان الفقهاء. والصلة هى ما يعد به الإنسان واصلا، قال ابن حجر الهيثمى "الصلة إيصال نوع من الإحسان " (3).

وصلة الرحم بالنسبة للأبوين وغيرهما واجبة عند الحنفية، والمالكية، والحنابله (4) وهو ما يصوبه النووى من الشافعية، ودليل الوجوب قول الله سبحانه} واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام، {(النساء1). وقوله ?: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت" (رواه البخارى).

وفصل الشافعية بين الأبوين وغيرهما، فاتفقوا مع غيرهم على وجوب بر الوالدين وأن عقوقهما كبيرة، وذهبوا إلى أن صلة غيرهما من الأقارب سنة، على أن الشافعية صرحوا بأن ابتداء فعل المعروف مع الأقارب سنة، وأن قطعه بعد حصوله كبيرة (5).

وللعلماء فى الرحم التى يطلب وصلها رأيان:

الأول: أن الصلة خاصة بالرحم المحرم دون غيره، وهو قول للحنفية وغير المشهور عند المالكية، وهو قول أبى الخطاب من الحنابلة. قالوا: لأنها لو وجبت لجميع الأقارب لوجب صلة جميع بنى آدم، وذلك متعذر، فلم يكن بد من ضبط ذلك بقرابة تجب صلتها وإكرامها، ويحرم قطعها وتلك قرابة لرحم المحرم. وقد قال رسول الله ?: "لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا على بنت أخيها، فإنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم ". الثانى: أن الصلة تطلب لكل قريب محرما كان أو غيره، وهو قول للحنفية، لم يخصصها أحد منهم بالرحم المحرم. وقد ذهب فقهاء الحنفية والشافعية إلى أن درجات الصلة تتفاوت بالنسبة للأقارب فهى فى الوالدين أشد من المحارم، وفيهم أشد من غيرهم.

وليس المراد بالصلة أن تصلهم إن وصلوك، لأن هذا مكافأة، بل أن تصلهم وإن قطعوك (6)

فقد روى البخارى وغيره " ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها".

وتحصل صلة الأرحام بأمور عديدة منها:

1 - الزيارة، والمعاونة، وقضاء الحوائج، وا لسلام.

2 - وتحصل الصلة بالكتابة إن كان غائبا، نص على ذلك الحنفية والمالكية والشافعية، وهذا فى غير الأبوين.

3 - وكذلك المال للأقارب، فإنه يعتبر صلة لهم، لقوله ?: "الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذى الرحم ثنتان: صدقة وصلة، وظاهر عبارة الحنفية، والشافعية أن الغنى لا تحصل صلته بالزيارة لقريبه المحتاج إن كان قادرا على بذل المال له، ويدخل فى الصلة جميع الإحسان مما تتأتى به الصلة (7).

ومن فضائل صلة الرحم:

1 - البركة فى الرزق، لحديث رسول الله ?: (من سره أن يبسط له فى رزقه وينسأ له فى أثره فليصل رحمه).

2 - رضا الله سبحانه وتعالى لأنه أمر بصلة الرحم، وإدخال السرور على الأرحام.

3 - زيادة المروءة وزيادة الأجر بعد الموت، لأنهم يدعون له بعد موته، كلما ذكروا إحسانه (8).

وقطع الرحم المأمور بوصلها حرام باتفاق، لقول الله سبحانه} والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون فى الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار {(الرعد 25).

(هيئة التحرير)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015