لغة: قصر من الصلاة وقصر من الشىء على كذا: لم يجاوز به إلى غيره، والسفر قطع المسافة كما فى الصحاح (1).
واصطلاحا: أن تصير الصلاة الرباعية ركعتين فى السفر (2).
والصلاة التى تقصر هى: الظهر والعصر والعشاء، أما الصبح والمغرب فلا قصر فيهما؛ لأن الالتزام بأحكام الصلاة أمر تعبدى.
وقد ثبتته مشروعية القصر بالكتاب والسنة، قال تعالى {واذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} النساء:101، وجاء فى صحيح مسلم (3) عن عبدالله بن عمر رضى الله عنهما قال: (صحبت النبى صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزيد فى السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك).
وبالنسبة إلى حكم صلاة القصر: ذهب الحنفية إلى وجوب قصر الصلاة (4)، لقول السيدة عائشة رضى الله عنها (فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر وزيد فى صلاة الحضر) (5) ولا يعلم ذلك إلا توقيفا.
وذهب غير الحنفية إلى جواز قصر الصلاة، فقالوا: والمسافر له القصر وله الإتمام، وذلك لما ورد عن يعلى عن أبيه أنه قال: قلت لعمر بن الخطاب {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} النساء:101، فقد أمن الناس، قال: عجبت بما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: (صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته) (رواه مسلم) (6).
والقصر والإتمام فى السفر سواء، وإن كنا نرى أن الأولى هو قصر الصلاة مراعاة للخلاف الواقع بين الفقهاء فى حكم قصر الصلاة.
ومسافة السفر التى تبيح قصر الصلاة فقد حددها الحنفية بثلاثة أيام سيرا على الأقدام، وعند غيرهم بيومين، ولا فرق فى ذلك بين أن تقطع هذه المسافة سيرا على الأقدام أو تقطع بالوسائل العصرية فى ساعة واحدة، لأن العبرة فى ذلك بقطع المسافة المبيحة للسفر (7).
واختلف الفقهاء فى مدة الإقامة التى ترفع حكم القصر:
1 - فذهب المالكية والشافعية إلى أن إقامة أربع أيام صحاح تقطع حكم القصر، لأن المسافر يعتبر مقيما.
2 - وذهب الحنفية إلى اعتبار الإنسان مقيما إن كانت المدة خمسة عشر يوما، ويبدأ المسافر قصر الصلاة من حين مجاوزة حدود إقامته، وتنتهى بنية الإقامة، ويظل المسافر يقصر الصلاة مادام على نية سفر، حتى وإن طالت المدة، لأن العبرة بنية السفر، ومادام قد نوى قطع السفر فإنه لا يجوز له قصر الصلاة بعد ذلك.
وإذا كان الإنسان يعيش فى بلدة، وانتقل إلى بلدة أخرى وأقام بها إقامة دائمة، فإن البلدة الأولى لا تكون له دار إقامة، فإذا سافر إلى بلدته الأولى التى تركها جاز له قصر الصلاة بها، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما فتح مكة قصر الصلاة بها، وكما نعلم جميعا أن مكة هى الموطن الأصلى لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه بعد أن انتقل إلى المدينة صارت المدينة له وطنا: ولهذا قصر الصلاة بمكة، وأمر أهل مكة بإتمام صلاتهم، وهذا معناه أن العبرة بالإقامة الدائمة فى مكان معين، وليست العبرة بمحل الميلاد أو وجود الأقارب.
وعلى المسافر أن يعلم أنه لا يجوز له أن يأتم بمقيم، فإن اقتدى بمقيم فعليه أن يتم صلاته تابعة لصلاة الإمام عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه) (رواه مسلم) (8).
ولكن يجوز للمقيم ان يأتم بالمسافر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (أتموا يا أهل مكة صلاتكم فإنا قوم سفر) (رواه الترمذى) (9).
أ. د/صبرى عبدالرؤوف محمد عبدالقوى