13 - شهود يهوه jehovah ,s Witnesses

يرجع إنشاء جماعة شهود يهوه إلى سنة 1872 م فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية (1). على يد القس تشارلز راسل charles T .Russel الذى ولد على المذهب البروتستانتى سنة 1852 ولكنه رفض تعاليم كنيسته وهو فى السادسة عشرة من عمره، والتحق بكنيسة "الأدفنتست " التى يعرف أتباعها بالسبتيين، والنهائيين لأنهم يعتقدون باقتراب نهاية العالم (2).

ولقد عرفت شهود يهوه فى أول عهدها بالظهور باسم "جمعية العالم الجديد" ثم غيرت اسمها إلى "الدارسون الصادقون للإنجيل " ثم تحولت إلى اسم ثالث هو "أتباع راسل " نسبة إلى مؤسسها ثم استقرت على اسمها الحالى "شهود يهوه " وكان ذلك سنة 1931 م عندما اتخذوا لأنفسهم مقرا فى حى بروكلين فى نيويورك (3). وكان الهدف من التسمية فى صيغتها الأخيرة أنهم يعتنقون الشهادة التى تقول بأن "يهوه " هو الإله الأعظم خالق الكون (4) ..

على أن الشيء الجدير بالذكر أن راسل Russel مؤسس الجمعية لم يلبث أن خرج على المذهب الأدفنتستى وانصرف إلى العكوف على التوراة قراءة وتأويلا وانتهى إلى أن عليه رسالة إيمانية واجبة الأداء تتمثل فى رفض جميع الديانات، ودحض وافتراءات الديانات القائمة مثل الكاثوليكية والبروتستانتية وتضليلاتها" (هـ) .. كما شرع فى إقامة نظام دينى مختلف أسسه على تفسيره الذاتى للتوراة، وسجل المبادئ التى انتهى إليها فى عدد من المجلدات تلقفتها "الماسونية" ووجدت فيها أداة لزلزلة المذاهب المسيحية المشهورة، وتولت طباعتها ونشرها سنة 881 ام فى سبعة مجلدات تحت عنوان "بحوث كتابية".

واستطاع راسل بعد إعلان مذهبه أن يؤسس مجلة ناطقة باسمه سنة 884 ام وجعل اسمها "مجلة برج صهيون للمراقبة" ثم ما لبث بعد اثنى عشر عاما أن حذف اسم صهيون من العنوان فصار عنوانها الذى استقرت عليه حتى الآن ((برج المراقبة Watch Tower))

ولما مات راسل سنة 1916 م خلفه فى قيادة حركته "جوزف فردرك رذرفورد" j.f. Rutherford وكان أكثر انحرافا من سلفه، فساد أخلاق وخراب ذمة واختلاق أكاذيب، فحكم عليه بالسجن عشرين عاما، وكان قد أعلن الحرب على الكنائس والمساجد ومع ذلك كان يلقب بالمسيح الثالث مثلما كان يلقب أستاذه بالمسيح الثانى.

وبعد موت فورد سنة 942 ام عن عمر يناهز خمسة وسبعين عاما، خلفه فى قيادة الشهود " ناثان هومر نور Nathan H. Knorr الذي نظم المدرسة التى أنشئت فى بر وكلين بعد الحرب العالمية الثانية، كما أنشأ مبنى كبيرا ليطبع فيه مجلتى برج المراقبة، و: استيقظوا awake، وكانت تعاليمه تقضى برفض تقسيم الكتاب المقدس إلى "العهد القد يم " و "العهد الجديد" كما كان أشد عداوة للأديان وسخرية بها وبخاصة الكثلكة والإسلام (6) ..

وكان ناثان قبل موته قد شارك فى توسيع هيئة أمناء الجمعية بمقرها الرئيسى فى بروكلين بعد أن كانت قد تفرقت فى جماعات متعددة، وفى سنة 989ام صار كل فرد من الأمناء الاثنى عشر قد تفرغ للعمل بالجمعية وكرس كل وقته للعمل بها (7)

ومن المظاهر البارزة فى طبيعة تفكير "شهود يهوه " وعقيدتهم صلتهم الوثيقة بدولة إسرائيل الحديثة الصنع، وإيمانهم الذى لا يحده حدود بالصهيونية، فإنهم ينفردون بهذا السلوك المنحرف دون غيرهم من سائر شعوب الأرض وجميع الملل والمذاهب، إنهم يقررون فى صلب عقيدتهم "أن كلمة صهيون تطلق على جماعة الله والهيئة التى نظمها يهوه القدير حسب قصده " (8). كما يعتقدون "أن الأمة الإسرائيلية والمنظمة بعهد من الله هى رمز إلى صهيون الحقيقية التى اختارها الله سكنا له، والتى من جمالها أشرق نوره " (9) .. وفى إلحاح شديد على تأكيد هويتهم الصهيونية يقول شهود يهوه فى المصدر نفسه ((إن لفظة صهيون تطلق على شعب الله على الأرض، لأنهم من صهيون التى هى هبة الله وجمعيته ". (10) ثم يعودون لتأكيد تأييدهم الأعمى لإسرائيل بتسميتهم إياها "مملكة الرب الرمزية (11)

وتضم عقيدة "شهود يهوه" الكثير من الأعاجيب التى كثيرا ما يصطدم بعضها ببعض ففى الوقت الذى يمجدون فيه" يهوه " ويوحدونه، يقولون يهوه هو الإله الحى الحقيقى الوحيد"، يؤكدون أن له شهودا على الأرض قبل آلاف السنين من مجيء المسيح، وإن "يهوه " الأب، وابنه الأول اسمه "لوغس "، وابنه الثانى اسمه "لوسيفر (12).

ومن معتقدات "شهود يهوه " أن عقيدتهم مستمدة من التوراة وحدها دون أى مصدر آخر بما فى ذلك الكتب الدينية المسيحية الأخرى (13) وقد سلف القول إنهم يفرقون بين العهد القديم والعهد الجديد الذى لا يعترفون به "وشهود يهوه " لا يؤمنون بعقيدة التثليث التى هى الرمز المعرفى للمسيحية ويعتقدون التوحيد المطلق ليهوه "الكائن الأسمى" وهم ينكرون أن المسيح قد صلب ويعتبرون الصلب من الشعائر الوثنية وأن عيسى قد ربط على عمود واحد قائم من الخشب (14). وهم يحرمون نقل الدم من إنسان لآخر ولو أدى ذلك إلى هلاك المريض (15).

ومن عقائد "شهود يهوه " التى تتسم بالقسوة، إيمانهم بمعركة "هرمجدون " وقد افاضت كتبهم- وبخاصة كتاب الخلاص الذى أفرد لها ستين صفحة- فى وصف قسوتها ووحشيتها، وملايين الأرواح التى سوف تزهق بها، وأنواع العذاب التى ستحل بمن لا يعتقد عقيدتهم. وإن كان الواقع يستبعد حدوثها، فقد جاء فى كتبهم أنها ستقع سنة 1918، 1920، 1925، 1941م، وقد مرت هذه السنوات ولم تحدث المعركة الموعودة مما دفع بعض أتباعهم إلى الخروج على عقيدتهم.

ومرة أخرى اعتقد "شهود يهوه "طبقا لما ورد فى كتبهم أن سنة 1975م توافق مرور ستة آلاف سنة على خلق آدم فى جنة عدن وترجموا هذا التاريخ إلى سنة 4024 ق م، ومن ثم اعتقدوا أن سنة 1975 م هى التاريخ المحدد لنشوب معركة "هر مجدون " الوحشية (16)، ولكن تلك السنة قد مرت بسلام ومضى الآن على انقضائها ربع قرن من الزمان ولم يشهد أحد للمعركة "المنتظرة" أثرا ولا توقعا.

أ. د. مصطفى الشكعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015