اصطلاحا: يقصد بها النظام الذى يجب أن يطبق فى الدول الإسلامية وهو يعنى أن الحاكم ولى الأمر، وكل من ولي ولاية عامة يجب أن يستطلع رأى المسلمين فيما يعرض عليه من مهام.
وقد وصف الله سبحانه وتعالى المسلمين بالشورى} وأمرهم شورى بينهم {(138). وهناك سورة كاملة فى القرآن الكريم تحمل اسم الشورى. كما أمر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم بمشاورة أصحابه فى سورة آل عمران حيث يقول جل شأنه} فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر {، (أل عمران 159).
ولا شك أن الشورى تحقق أهدافا إسلامية عديدة، منها إحساس المسلمين بأنهم يديرون شئونهم والاستفادة برأى النخبة فيما يهم أمرهم، لذا كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشاور أصحابه، وكثيرا ما نزل على رأى بعضهم حتى وإن خالف رأيه، كما حدث فى اختيار مكان غزوة بدر، وكما حدث فى اختيار المكان الذى يحارب منه المسلمون فى غزوة أحد، وكذا فى طريق معاملة الأسرى بعد غزوة بدر، وفى كثيرمن شئون الحكم والإدارة والحرب.
وتعتبر الشورى من أهم الأسس التى يقوم عليها نظام الحكم فى الإسلام، وهى تقابل بشكل أو بآخر، النظام الديمقراطى الذى يطبق فى الدول الغربية، وإن ظل النظام الإسلامى يختلف اختلافا بينا عن النظام الغربى.
فأهل الشورى فى الإسلام هم النخبة المتميزة عقلا وبلاء فى خدمة الدين الحنيف، ومن لديهم القدرة على فهم الأحداث وحل مشكلات المسلمين، وهذه النخبة يطلق عليها اصطلاحا "أهل الحل والعقد " وهم يختارون الخليفة أو ولى الأمر، ويقومون بالاجتهاد معه لحسم المشكلات وقد وصف الله سبحانه وتعالى دورهم المكمل لدور الخليفة أو ولى الأمر بقوله:} وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم {
(النساء 83). فأهل الشورى هم رأس المجتمع الإسلامى، والفئة القادرة على الاجتهاد، وتقدير مصالح الأمة، لذا فمنهم ركن ركين من أركان نظام الشورى. وهم يختلفون عن هؤلاء الذين لهم حق الانتخاب والترشيح وفقأ للأنظمة الحديثة، إذ عادة ما يكتفى القانون فى المرشح إجادة القراءة والكتابة فحسب، وهو شرط لا يجعل مثل هذا الشخص يقدر على تصريف الأمور، ووقاية الحكومة، والإسهام فى وضع التشريعات.
ولا يستبعد النظام الإسلامى بقية أفراد الشعب من المشاركة فى تسيير أمور الدولة، ويعطيهم جميعا الحق فى "البيعة" وهو حق يجعل الخليفة غير شرعى إذا لم يبايعه المسلمون، ولكل المسلمين رقابة الحاكم المسلم وتقويمه ونصحه إن رأوا فيه أى اعوجاج، كما كان ولاة الأمور والخلفاء يطلبون دائما من المسلمين.
ولم ينص القرآن الكريم ولا سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على أساليب معينة لممارسة الشورى , ومن ثم فقد ترك الباب واسعا للمسلمين ليقرروا الأسلوب الأمثل بالنسبة لكل زمان ومكان.
واتجه بعض العلماء والفقهاء إلى أنه طالما أن الشورى واجبة، فإن كل ما يوصل إليها يأخذ حكمها أى الوجوب، وبالتالى فإذا كان يصعب جمع علماء الأمة وحكمائها فى مكان واحد لمشاورتهم، فإن الأخذ بالنظام النيابى، أى تمثيل الأمة فى مجلس منتخب من الشعب يقبله الإسلام طالما لم يوجد وسيلة أخرى تحقق الشورى.
كذلك نجد من قال إن لولى الأمر- بعد المشاورة- أن يتخذ القرار المناسب وهو رأى مرجوح، إذ ما أهمية الشورى إن لم تكن نتيجتها ملزمة؟ إننا مع ضرورة تطبيق الشورى فى الدولة الإسلامية والالتزام بنتيجتها.
أ. د/ جعفر عبد السلام