لغة: المنزلة، وقيل: مخصوصة بالرفعة (الدرجة) والسورة من البناء: ما طال وحسن، وقيل: هى العلامة كما فى مختار الصحاح (1).
واصطلاحا: قرآن يشتمل على آى ذوات فاتحة وخاتمة، وأقلها: ثلاث آيات وهى سورة الكوثر، وقيل: الطائفة المسماة باسم خاص بتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم.
والسورة تشتمل على آيات، والآية: قرآن مركب من جمل ولو تقديرا، ذو مبدء ومقطع، مندرج فى سورة، وأصلها العلامة، ومنه قوله تعالى: {إن آية ملكه} البقرة:248، لأنها علامة للفضل والصدق، أو الجماعة لأنها جماعة كلمة.
وقيل السورة: هى طائفة من القرآن، منقطعة عما قبلها وما بعدها، ليس بينها شبه بما سواها.
والحكمة فى تقطيع القرآن سورا هى الحكمة ذاتها فى تقطيع السور آيات معدودات، لكل آية حد ومطلع، حتى تكون كل سورة، بل كل آية فنا مستقلا وقرآنا معتبرا.
وسورت السور طوالا وقصارا وأوساطا: تنبيها على أن الطول ليس من شرط الإعجاز، بل قصارها كطوالها، ولهذا -أيضا- حكمة فى التدرج فى تعليم الصبيان القرآن الكريم.
وسور القرآن قد يكون لها اسم واحد وهو الأكثر، وقد يكون لها اسمان: كسورة البقرة فانه يقال لها: فسطاط القرآن لعظمها وبهائها، وآل عمران يقال لها فى التوراة: طيبة، والنحل تسمى سورة النعم لما عدد الله فيها من النعم على عبادء، والجاثية تسمى الشريعة، ومحمد تسمى القتال.
وقد يكون لها ثلاثة أسماء: كالمائدة فإنها تسمى العقود والمنفذة، وكغافر فتسمى الطول والمؤمن.
وقد يكون لها أكثر من ذلك: كسورة براءة فهى التوبة، والفاضحة، والحافرة لأنها حفرت عن قلوب المنافقين، والعذاب، والمشقشقة، والمبعثرة، وكسورة الفاتحة فإنها: أم الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثانىء والحمد، وقد ذكر لها بضعة وعشرون اسما.
واختصاص كل سورة بما سميت به مقصود: فالعرب تراعى فى الكثير من المسميات أخذ أسمائها من نادر أو مستغرب يكون فى الشىء من خلق أو صفة تخصه، أو تكون معه أحكم أو أكثر أو أسبق لإدراك الرائى للمسمى وعلى ذلك جرت أسماء سور الكتاب العزيز كتسمية سورة البقرة بهذا الاسم، لقرينة ذكر قصة البقرة المذكورة فيها، وسورة النساء سميت بذلك لما تردد فيها من كثير من أحكام النساء، وتسمية سورة الأنعام لما ورد فيها من تفصيل أحوالها، وهكذا فى بقية السور.
وعدد سور القرآن الكريم أربع عشرة ومائة سورة، افتتحها سبحانه وتعالي بعشرة أنواع من الكلام، لا يخرج شىء من السور عنها، وهى:
1 - الاستفتاح بالثناء، مثل: الحمد لله، وتبارك، وسبحان، وسبح، ويسبح لله.
2 - الاستفتاح بحروف التهجى: مثل الم، المص، الر، وذلك فى ست وعشرين سورة.
3 - الاستفتاح بالنداء، وذلك فى عشرين سورة، مثل: مفتتح النساء، والمائدة والأحزاب.
4 - الاستفتاح بالجمل الخبرية، فى ثلاث وعشرين سورة، مثل، مفتتح النحل والأنبياء.
5 - الاستفتاح بالقسم، وذلك فى خمس عشرة سورة، مثل: مفتتح الضحى والليل والشمس.
6 - الاستفتاح بالشرط، فى سبع سور، مثل: مفتتح التكوير والانفطار والانشقاق.
7 - الاستفتاح بالأمر، فى ست سور، مثل: مفتتح الجن والأعلى والإخلاص والمعوذتين.
8 - الاستفتاح بالاستفهام، فى ست سور، مثل: الإنسان والنبأ والغاشية والفيل.
9 - الاستفتاح بالدعاء، فى ثلاث سور وهى المطففين، والهمزة، والمسد.
10 - الاستفتاح بالتعليل، فى موضع واحد، لإيلاف قريش.
وهذه الافتتاحات فيها من الحسن وبراعة الاستهلال ما فيها.
وخواتم السور مثل فواتحها فى الحسن، لأنها آخر ما يقرع الأسماع، ولهذا تضمنت جملة من المعانى البديعة مع إيذان السامع بانتهاء الكلام حتى يرتفع معه تشوف النفس إلى ما يذكر بعد.
ومن أوضحه خاتمة سورة إبراهيم {هذا بلاغ للناس ولينذروا به .. } (آية 52) والأحقاف {بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} (آية35) وأول سورة نزلت فى القرآن "اقرأ" ثم "نوح"، وآخرما نزل {إذا جاء نصرالله والفتح} النصر:1.
وكل سور القرآن الكريم بدأت بالبسملة إلا سورة التوبة، وسورة النمل بدأت بالبسملة ووجدت البسملة فى آية منها فى قوله تعالى: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم} النمل:30.
أ. د/عبدالصبور مرزوق