لغةً: تعود الكلمة- فى أصلها اللغوى- إلى مادة: سجد. والسجود- فى اللغة- هو الخضوع والانحناء، والتطامن، مع خفض الرأس. وهو- فى الشرع-: وضع الجبهة على الأرض فى الصلاة، وليس هناك خضوع أكثرمنه. وهو لا يكون لغير الله تعالى. واسم الفاعل: ساجد، وجمعه: سُجَّد وسجود. وقد جات الصيغتان فى القرآن الكريم.
والسَّجَّاد- كشدَّاد-: الكثير السجود.
والسَّجَّادة، والمِسْجَدة (بكسر الميم): القطيفة المسجود عليها، والبساط الصغير يصلى عليه. وهى- كذلك- أثر السجود فى الوجه. أما والسجِّادة- بكسر السين- فهى: مكان الصلاة، وعلامة السجدة فى الجبهة.
وقد عُنى الصوفية- عند حديثهم عن آداب السلوك ومراسمه العملية- بالحديث عن الآداب المتعلقة بالسجادة. وكان مما ذكروه أنه يجوز التشبه بأهل الخير فى زيهم، لأن ذلك يُشْعربمحبتهم، والمرء مع من أحب. وهذا مشروط بأن يسلك سبيلهم، ولا يُمْنَع المريد السالك من ذلك، إلا إذا قصد التلبس والتغرير كلباس المرقعة وأخد المسبحة والعصا والسجادة" (قواعد التصوف لزروِّق ص 88).
وكانت عناية الصوفية أشد بسجادة شيخ الطريقة. وكان واجباً على المريد عندهم- كما يقول الشيخ عبد القادر الجيلانى (561 هـ) "ألا يتكلم بين يدى شيخه، إلا فى حالة الضرورة… ولا ينبغى له أن يبسط سجادته بين يدى الشيخ إلا وقت أداء الصلاة- فإذا فرغ من صلاته طوى سجادته فى الحال… ويجتهد فى اجتناب بسط سجادته فوق سجادة من هو فوقه فى الرتبة، وإدناء سجادته من سجادته إلا بأمره، فإن ذلك عندهم من سوء الأدب" (الغنية 2/ 167).
وإذا كان احترام الشيوخ واجبا، لأنهم الهداة الى الله تعالى، والإدلاِّء على طريقه فإن من احترامهم ألا يجلس على سجادتهم، وألا يطأها بقدميه. توقيرا لهم، حتى ولو لم يكن الشيوخ جالسين عليها.
وكان من آداب الصوفية- فيما بينهم- ألا يبخل الواحد منهم على أصحابه بما تحت يده كالثياب والسجاجيد وما يجرى مجراها "ولو وطئ أحد منهم سجادته بقدمه لايستوحش منه ولا يضع قدمه على سجادة غيره. ولا يبسط سجادته على سجادة من هو فوقه فى الرتبة" (الغنية 2/ 176) وقد استعملت الكلمة- عند الصوفية- بمعنيين:
أولهما: أطلقه أهل السلوك على من يستقيم على الشريعة والطريقة والحقيقة. ومن لم يكن كذلك لا يُسَمَّى سجادة إلاَّ رَسْما ومجازا. والكلمة- بهذا المعنى- معرَّبة عن سجادة الفارسية ثانيهما: فقد ظهر فى التصوف المتأخر، عندما اُطلقت الكلمةُ ليراد بها الطريقة الصوفية- فإذا قالوا: شيخ السجادة فالمراد شيخ الطريقة، وإذا قالوا: شيخ السجادة الرفاعية أو الأحمدية أو البكرية فالمراد شيخ الطريقة الرفاعية والأحمدية والبكرية. وهكذا.
أ. د/ عبد الحميد مدكور