لغة: الذِّمَّة: الأمان والعهد، فأهل الذمة: أهل العهد، والذمى هو المعاهد (1).
واصطلاحا: الذميون، والذمى نسبة إلى الذِّمَّة: أى العهد من الإمام، أو ممن ينوب عنه بالأمن على نفسه وماله نظير التزامه الجزية ونفوذ أحكام الإسلام. (2)
وتحصل الذمة لأهل الكتاب ومن فى حكمهم بالعقد أو القرائن أو التبعية، فيقرُّون على كفرهم فى مقابل الجزية.
والغرض منه: أن يترك الذمى القتال مع احتمال دخوله الإسلام عن طريق مخالطته بالمسلمين، ووقوفه على محاسن الدين، فكان عقد الذمة للدعوة إلى الإسلام لا للرغبة أو الطمع فيما يؤخذ منهم من الجزية (3).
أما شروط عقد الذمة: فيشترط أن يكون مؤبدا، وفى قول عند الشافعية: يصح مؤقتا.
وكذلك يشترط فى هذا العقد قبول والتزام أحكام الإسلام فى غير العبادات من حقوق الآدميين فى المعاملات وغرامة المتلفات، وكذا ما يعتقدون تحريمه كالزنى والسرقة، كما يشترط فى حق الرجال منهم قبول بذل الجزية كل عام.
وزاد الماوردى شروطا أخرى لم يذكرها الآخرون فقال: يشترط عليهم ستة أشياء (4):
1 - ألا يذكروا كتاب الله تعالى بطعن ولا تحريف له.
2 - وألا يذكروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتكذيب له ولا ازدراء.
3 - وألا يذكروا دين الإسلام بذم له ولا قدح فيه.
4 - وألا يصيبوا مسلمة بزنا ولا باسم نكاح.
5 - وألا يفتنوا مسلما عن دينه ولا يتعرضوا لماله.
6 - وألا يعينوا أهل الحرب ولا يؤوا للحربيين عينا (جاسوسا).
فهذه حقوق تلزمهم بغير شرط، وإنما تشترط تأكيدا لتغليظ العهد عليهم، ويكون ارتكابها بعد الشرط نقضا لعهدهم.
وما يتمتع به أهل الذمة من حقوق فهى:
1 - حماية الدولة لهم، بدفع الظلم عنهم لأنهم بذلوا الجزية لحفظهم وحفظ أموالهم (5). قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: " ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة" (6).
2 - حق الإقامة والتنقل فى دار الإسلام أينما يشاءون للتجارة وغيرها، لكن الفقهاء اتفقوا على عدم جواز إقامة الذمى واستيطانه فى مكة والمدينة.
3 - عدم التعرض لهم فى عقيدتهم وعبادتهم، ويكون دخول الذمى الإسلام عن طريق الدعوة لا عن طريق الإكراه.
4 - يتمتع الذمى باختيار العمل الذى يراه مناسبا للتكسب فيشتغل بالتجارة والصناعة كما يشاء، أما الوظائف العامة فيما يشترط فيه الإسلام كالخلافة والإمارة على الجهاد فلا يجوز أن يعهد بذلك إلى ذمى.
أ. د/ فرج السيد عنبر