3 - الذمة

لغة: العهد، لأن نقضه يوجب الذم، وتسمية المعاهد بالذمى نسبة إلى الذمة بمعنى العهد (1)، وفسر قوله - صلى الله عليه وسلم -: " ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم " (2) بالأمان و"من صلى الصبح فهو فى ذمة الله"، والذمة أيضا: الضمان، فإذا قلت: فى ذمتى كذا يكون المعنى فى ضمانى، وتجمع على ذِمَم.

واصطلاحا: الذمة عند الفقهاء مختلف فيها (3):

فمنهم من جعلها وصفا، وعرَّفها: بأنها وصف يصير الشخص به أهلا للإيجاب له وعليه.

ومنهم من جعلها ذاتا، ولهذا عرَّفها: بأنها نفس لها عهد، فإن الإنسان يولد وله ذمة صالحة للوجوب له وعليه بإجماع الفقهاء حتى يثبت له ملك الرقبة وملك النكاح ويلزمه عشر أرضه وخراجها بالإجماع وغير ذلك من الأحكام.

وقد استعملها الفقهاء بمعنى العهد، واستعملها بعض الأصوليين بمعنى أهلية الوجوب.

وجاء فى المُغرب: أن الذمة تطلق على محل الالتزام كقولهم: ثبت فى ذمتى، وبعض الفقهاء يقول: هى محل الضمان والوجوب، وبعضهم يقول: هى معنى يصير بسببه الآدمى على الخصوص أهلا لوجوب الحقوق له وعليه.

وتختص الذمة بعدة أمور:

1 - الذمة من صفات الشخصية الإنسانية وهى ذمة حقيقية، وقد يثور التساؤل عما إذا كان الفقه الإسلامى يعترف بوجود ذمة أو أهلية وجوب للشخص الاعتبارى من الهيئات والمنشآت أم أن الذمة مقصورة على الإنسان باعتبارها خاصة من خصائصه، ومن ثم فلا ذمة لما سوى الإنسان من الأشخاص الاعتباريين؟

والجواب: أن الذمة كما تثبت للشخص الطبيعى تثبت للشخص الاعتبارى ويتولاها من تثبت له الولاية ويكون الفرق بين الذمتين أن ذمة الشخص الطبيعى ذمة حقيقية أساسها العقد والعهد، وذمة الشخص الاعتبارى ذمة افتراضية اعتبارية لا ترقى إلى ذمة الشخص الطبيعى فلا يترتب عليها من الحقوق إلا ما يتناسب وطبيعتها (4).

2 - الذمة من توابع الشخصية الإنسانية، فتلازم الإنسان منذ وجوده حتى لو كان حملا فى البطن، فلو أوصى له إنسان بشىء صحت الوصية.

3 - لكل شخص ذمة واحدة لا تتعدد ولا يجوز الاشتراك فيها.

4 - الذمة لا حدَّ لسعتها فهى تتسع لكل الديون مهما عظمت.

5 - الذمة تتعلق بالشخص لا بأمواله وثروته فله التجارة والبيع ولو كان مدينا بأكثر مما يملك، ويقضى ما يشاء من الديون المتقدم أو المتأخر، ولا يحق لأحد الاعتراض عليه ما لم يمنع من ذلك مانع شرعى كالرهن أو الحجر أو التفليس.

والذِّمَّة: تبدأ منذ الحمل وتبقى معه طيلة حياته فإذا مات تنتهى تلك الذمة إذ لا بقاء لها بعد الموت.

أ. د/ فرج السيد عنبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015