31 - الحقوق

لغة: يقال حقَّ الأمر: صحَّ وثبت، قال تعالى {لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين} (يس 70)، والحق خلاف الباطل، والحق: اسم من أسماء الله تعالى، والحق: الثابت بلا شك. والحق: النصيب الواجب للفرد والجماعة وحقوق الله ما يجب علينا له، وحقوق الدار: مرافقه كما فى الوسيط (1).

واصطلاحا: الثابت الذى لا يسوغ إنكاره. (2)

وهو قسمان: حقوق الله، وحقوق العباد. وحقوق الله: ما لا مدخل فيها للصلح، كالحدود والزكوات والكفارات وغيرها. وحقوق العباد: هى التى تقبل الصلح والإسقاط والمعارضة عليها (3).

والحق عند علماء أصول الفقه يعنى:

(أ) أن الحق هو الحكم وهو خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع.

(ب) الحق هو الفعل، فحق الله تعالى هو أمره ونهيه الذى هو عين العبادة (4)، والحق عند العلماء ما يستحقه الرجل (5).

ومصدر الحق هو الله تعالى لتنظيم حياة الخلق حتى يكونوا سعداء فى الدنيا والآخرة فما أثبتته الشريعة حقا فهو حق، وما لم تثبته فليس بحق قال تعالى {إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه} (يوسف 40)

وتنقسم الحقوق باعتبار عموم النفع وخصوصه إلى:

الأول: حقوق الله الخالصة وهى ما يتعلق به النفع العام للعالم فلا يختص به أحد وهى أنواع منها:

1 - عبادة خالصة مثل الصلاة، وصوم رمضان.

2 - عبادة فيها معنى المئونة مثل صدقة الفطر.

3 - مئونة فيها معنى العبادة مثل زكاة الزروع.

4 - مئونة فيها معنى العقوبة مثل الخراج على الأرض الزراعية.

5 - حقوق دائرة بين العبادة والعقوبة، وهى الكفارات مثل كفارة الظهار، وكفارة الحنث فى اليمين.

6 - عقوبة خالصة، وهى الحدود مثل حد السرقة.

7 - عقوبة قاصرة، وهى حرمان القاتل من الإرث، وإنما كانت قاصرة، لأنه لم يلحق القاتل ألم فى بدنه، ولا نقصان فى ماله.

الثانى: حق العبد الخالص، وهو ما كان نفعه مختصا بشخص معين، مثل حقوق الأشخاص المالية.

الثالث: ما اجتمع فيه حق الله وحق العبد ولكن حق الله غالب. مثل: حد القذف بعد تبليغ المقذوف وثبوت الحد على القاذف، فللعبد الحق فى حد القذف لأنه المقذوف بالزنى فقد اتهم فى عرضه ودينه.

وهو حق لله لأن القذف بالزنى مساس بالأعراض علنا مما يؤدى إلى شيوع الفاحشة. وغلب حق الله لكى يتحتم إقامة الحد على القاذف: لاعتدائه على المقذوف، ولكى يمنع المقذوف من التنازل أو الصلح.

الرابع: ما اجتمع فيه حق الله وحق العبد ولكن حق العبد غالب. مثل القصاص من القاتل عمدا وعدوانا فلله فيه حق لأنه اعتداء على المجتمع واعتداء على عبده الذى حرم دمه إلا بحق، وللعبد فى القصاص حق، وغلب حق العبد، لأن ولى المقتول يملك رفع القصاص أو عدم رفعه.

وقد قسم ابن رجب حقوق العباد إلى خمسة أقسام هى:

(أ) حق الملك

(ب) حق التملك كحق الوالد فى مال ولده، وحق الشفيع فى الشفعة.

(جـ) حق الانتفاع كوضع الجار خشبة على جدار جاره إذا لم يضره.

(د) حق الاختصاص مثل مراجعة الأسواق والجلوس فى المساجد.

(هـ) حق التعلق لاسيتفاء الحق مثل تعلق حق المرتهن بالرهن (6).

والأصل أن حقوق الله سبحانه وتعالى- سواء كانت عبادات كالصلاة، أم كانت عقوبات كالحدود، أم كانت مترددة بين العقوبة والعبادة كالكفارات، أم غير ذلك من الحقوق التى تثبت للعبد بصفة ذاتية بمقتضى الشريعة، كحق الأبوة والأمومة، وحق الابن فى الأبوة والنسب. لا تقبل الإسقاط من أحد من العباد، لأنه لا يملك الحق فى ذلك (7) ومن حاول إسقاط حق من حقوق الله تعالى يقاتل كما فعل أبو بكر yبمانعى الزكاة (8).

وحق العباد بالنسبة للإسقاط وعدمه يشمل الأعيان والمنافع والديون والحقوق المطلقة، وهى التى ليست عينا أو دينا ولا منفعة (9). والأصل أن كل صاحب حق لا يمنع من إسقاط حقه إذا كان جائز التصرف.

والعين ما تحتمل التعيين مطلقا كالعروض من الثياب والعقار والموزون، ومالك العين يجوز له التصرف بالنقل على الوجه المشروع من بيع وغيره، والعين على الجملة لا تقبل الإسقاط، أما على التفصيل فيجوز فى بعضها الإسقاط كالعتق إسقاط لملك الرقبة.

والدين والمنافع يجوز إسقاطها والاعتياض عنها بالاتفاق.

(هيئة التحرير)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015