لغة: الحَسَن: نقيض القبيح والحُسْن نقيض القبح، وتقول: أحسنت الشىء أى: أتقنت صنعته وجملته، وهذا الرجل حسن المظهر، أى جميل المنظر، قال تعالى {وصوركم فأحسن صوركم} (غافر 64)
واصطلاحا: لم يكن المصطلح الحديثى لكلمة (الحسن) معروفا لدى المتقدمين فى القرن الأول الهجرى بل شاع بينهم وقتئذ فى كل مقبول أنه صحيح، وفى كل مردود أنه ضعيف أو منكر .. الخ وفى القرن الثانى وردت كلمة (الحسن) وصفا لبعض الأحاديث على لسان أئمة هذا العلم مثل: إبراهيم بن يزيد النخعى ت 96 هـ/714 م، وشعبة بن الحجاج ت 160هـ/776 م، ومالك المتوفى سنة 79 1هـ وسفيان الثورى ت سنة 61 1هـ (1).
وفى القرن الثالث جرى ذكر الحسن على لسان الشافعى ت سنة 204 هـ (2)، والإمام على ابن المدينى ت 234 هـ/846 م والإمام أحمد بن حنبل ت سنة 241 هـ، والإمام البخارى ت سنة 256 هـ/70 8 م. (3)
ولكن كل هؤلاء ما كانوا يقصدون المعنى الاصطلاحى، بل ولا وضعوا اصطلاحا خاصا بالحديث الحسن. حتى جاء الإمام الترمذى ت سنة 278 هـ/892 م فأكثر من ذكر الحسن فى كتابه الجامع حتى أصبح علما فى ذلك بل ووضع اصطلاحا خاصا لمفهوم الحديث الحسن ..
هذا وقد، تفاوتت عبارة العلماء فى تعريفه، والترمذى هو أول من وضع اصطلاحا خاصا له قال: كل حديث يروى لا يكون فى إسناده متهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذا، ويروى من غير وجه نحو ذلك" (4) وعرفه الخطابى ت 388 هـ/998 م وتعريفا آخر (5) وكذلك ابن الجوزى ت سنة 597 هـ (6)
وفى نهاية المطاف استقر اصطلاح العلماء على تقسيمهم للحديث الحسن إلى قسمين: (أ) الحديث الحسن لذاته .. هو الحديث الذى اتصل سنده بنقل العدل الذى خفّ ضبطه وإتقانه عن درجة رجال الصحيح من غير شذوذ ولا علة. (7)
ومن خلال هذا التعريف يتبين لنا أن شروط الحسن لذاته هى:
1 - اتصال السند من أوله إلى منتهاه
2 - عدالة جميع الرواة
3 - وجود أحد رواة هذا الحديث غير تام الضبط.
4 - السلامة من الشذوذ
5 - السلامة من العلة القادحة
(ب) الحديث الحسن لغيره .. كل حديث فى سنده راو مستور، غير مغفل، كثير الخطأ أو وجود راو سيئ الحفظ، أو موصوف بالغلط أو الخطأ، أو الاختلاط- مع وجود الصدق والأمانة. أو بسبب كون سنده غير متصل، أو فيه مدلس روى بالعنعنة؛ مع كونه ليس فيه من يتهم بالكذب؛ ويشترط مع كل هذا أن يكون الحديث غير شاذ، ويروى من غير وجه بمثله أو قريبا منه ..
وبناء على هذا التعريف فإن الأصل فى الحديث الحسن لغيره أنه حديث ضعيف، ولكن وروده من طريق آخر جعله يرتقى إلى الحسن لغيره.
وشروط الحسن لغيره هى:
1 - ما كان الضعف فيه ناشئا عن الجهل بأحد رواته.
2 - أو ما كان الضعف بسبب سوء الحفظ أو الغلط أو الاختلاط
3 - أو ما كان الضعف بسبب الإرسال وهو انقطاع خفيف.
4 - أن يكون الإسناد خاليا من متهم بالكذب.
5 - أن يكون خاليا من الشذوذ والنكارة.
6 - أن يكون هناك طريق آخر بمثابة التابع أو الشاهد .. وللحديث الحسن درجات، وتتفاوت درجاته من حيث السند أو المتن، وذلك بحسب تمكن الحديث من شروط الحسن، فإذا قوى الضبط كان ذلك أقرب إلى الصحة ... وإذا نزل الضبط كان ذلك أقرب إلى الضعف.
وقد اتفق العلماء من محدثين وفقهاء وأصوليين على أن الحديث الحسن بقسميه حجة ويجب العمل به كالصحيح وإن كان دونه فى الرتبة.
أ. د/ مصطفى محمد أبو عمارة